يعتبر تأخر شكري في حصوله على تعليم و تفرغه للكتابة بمثابة نضج أفكار شاب و كاتب أثار جدلا في الثقافة العربية المعاصرة رغم أصوله الأمازيغية منح ما يكفي من وقته ليساهم في إثراء الحقل الثقافي بلسان عربي ليتأكد أن الانصهار بين الأمازيغية و العربية مسار طبيعي لازم العرب و الأمازيغ على مر التاريخ. واتسمت إنتاجاته بطابع متمرد على بقية إبداعات أدبية عاصرته، فقيمة إسم من حجم شكري أهلته لكي يعطي إضافة أخرى لملتقيات أدبية و فنية داخل الوطن و خارجه من القاهرة حتى أصيلة، فيما ظلت كتبه تزين رفوف المكتبات و تؤثث صفحات المجلات و الجرائد على امتداد الوطن العربي و خارجه، وهو ما دفع منابر عديدة لتخصص حيزا مهما من صفحاتها لاستضافة شكري كجريدة إلباييس الإسبانية سنة 2002 و مجلة الوطن العربي و القدس العربي و مجلة بابل و جريدة الزمان و الشرق الأوسط. علاقة شكري بالأرض و أصوله لم تنقطع برغم طول المسافة بين بني شيكر في الريف الشرقي و طنجة البوغاز، علاقة اختصرها في جوابه عن رأيه في ترجمة إنتاجاته فقال « أنا كاتب أمازيغي و لست ضد ترجمة أعمالي إلى الأمازيغية». مقولة تصلح لأن تستنير بها الأجيال كي تعلم أن شكري الأمازيغي إرث أدبي لكل المبدعين صنع نفسه دون السقوط في العرقية و القبلية فكان شعاره الكتابة و الإبداع الذي لا تحده حدود كما هو الحال مع كتابه «الخبز الحافي» الذي تجاوز الحدود ليعرف بكاتب أمازيغي. تهافت على إنتاجاته أبرز الأدباء في مختلف القارات من بول بولز الكاتب الأمريكي إلى الأديب الياباني نوطاهارا إيمانا منهم أن أعماله مرآة تعكس قضايا الأرض و واقع الحياة بكل تجلياتها أهمها سيرته كطفل أمازيغي ذاق مرارة الحرمان و فتح عينيه على مرحلة حالكة تأثر بها إلى حد بعيد. خزانة شكري غنية ومتعددة لكن حافظت على طابعها فمن «زمن الأخطاء» إلى «مجنون الورد» و «الخيمة» و «السوق الداخلي» و «غواية الشحرورالأبيض» و»الشطار» «ووجوه» يبقى شكري حاضرا بين مضامينها يتنقل و يروي بأسلوبه الخاص يحكي معاناته التي كتب لها أن لا تنتهي بعد أن تمكن منه المرض الذي لم يكن عائقا ليمنعه من حضور أهم التظاهرات كمرآة تحكي عن زمن الحرمان و تفاصيل الحياة البسيطة و المتقلبة ليسمع صوت فئة وجدت في شكري صوتها لتواصل البحث عن كسرة خبز أو كما سماه كاتبنا « الخبز الحافي». حضور شكري الكاتب بالعربية هو حضور للأمازيغية الخفية في دواخله كإنسان لم يتوان في ربط شخصيته بقريته بالريف و أمازيغية أهل المنطقة ، من هنا لابد وأن تتكرس طموحاته و أمنياته على أرض الواقع بإعادة الاعتبار إلى أعماله و طفولته من خلال إتمام الخطوات الأولى لمشروع ترجمة أهم أو جل مؤلفاته بما فيها «الخبز الحافي» إلى الأمازيغية لبناء صلة الوصل بين هذا الرجل الذي لم تنصفه عوائد الزمن فتحدى الصعاب بعيدا عن أهله و بني قبيلته و قريته بني شيكر، القرية التي يشترك معها في حروف الاسم وإن بترتيب مغاير. وداع شكري كان وداعا لأدب أعطى نفسا للثقافة و الأدب العربي و العالمي مادام أن مؤلفاته ترجمت إلى أكثر من أربعين لغة، كانت أولها ترجمة الخبز الحافي من طرف الكاتب الطاهر بنجلون إلى الفرنسية سنة .1981 ونالت شهرة واسعة أعادت الاعتبار إلى شخصية شكري الكاتب الذي فضل العيش في شقة متواضعة بطنجة يصارع المرض الفتاك و يعيد تسلسل أحداث حياته انطلاقا من مجتمع أمازيغي إلى طنجة التي أبى إلا أن يجد فيها مكانا لفكره ضمن ثقافات أخرى ميزت المدينة، حتى وافته المنية في نونبر من سنة 2003.