مع وفاة عبد الله باها، وزير الدولة ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، انبرت أصوات وأقلام كثيرة لتصفه بحكيم العدالة والتنمية، وهناك من وزع عليه اللقب بالتعريف المطلق "الحكيم"، ووصفوه برجل الإجماع، الذي لا يختلف عليه اثنان والعديد من الأوصاف، وقد وضعناها في المحك لنعرف مدى صدقية ما قيل في الرجل رحمه الله. وأول سؤال يُطرح على المراقب هو لماذا لم يتم انتخاب عبد الله باها ولو مرة واحدة أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية؟ كيف يتم انتخاب عبد الإله بنكيران، الذي يختلف حوله أعضاء الحزب وينعته القادمون من رابطة المستقبل الإسلامي بنعوت غير لائقة؟ المنطق يفرض أن رجل الإجماع هو الذي يتم انتخابه أمينا عاما وليس رجل الخلاف والاختلاف. وللتوضيح فإن العدالة والتنمية لا يسمح بأن يرشح العضو نفسه حتى لا يستشكل علينا الذين قالوا إن الرجل زاهد، رغم أن هذه الصفة لا تستقيم مع توليه منصب وزير دولة براتب مهم وتعويضات. ولكن القواعد هي التي ترشح المتبارين على الأمانة الذين ينحصر التنافس بين اثنين منهم. ولم يتم ترشيح باها سوى في المؤتمر السادس حيث حصل على 14 صوتا مقابل 684 لبنكيران. هل يُعقل أن رجلا حوله إجماع حزبي يتم النزول به إلى الحضيض ومنحه بضعة أصوات فقط؟ فعلى عكس ما توقعته وسائل الإعلام وأغلب المتتبعين، فقد أسفرت نتائج انتخاب الأمين العام في المؤتمر السادس عن انتخاب عبد الإله بنكيران رئيس المجلس الوطني السابق بالأغلبية المطلقة ب684 صوتا بأغلبية 56% من الأصوات المعبر عنها، تلاه الدكتور سعد الدين العثماني الأمين العام السابق ب495 صوتا فعبد الله باها رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ب14 صوتا. وفي المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية رشح المجلس الوطني المنبثق عن المؤتمر والمجلس الوطني المنتهية ولايته كلا من عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني وعزيز رباح ومصطفى الرميد للتباري على الأمانة العامة، حيث حصل بنكيران على 224 صوتا من أصل 433 المعبر عنها٬ في حين حصل العثماني على 149 صوتا٬ فيما كان نصيب كل من الرباح والرميد٬ على التوالي٬ 62 و59 صوتا، وأعلن كل من الرميد ورباح انسحابهما من سباق الأمانة العامة، حيث تنافس في الدور الثاني كل من بنكيران والعثماني اللذين صوت عليهما جميع المؤتمرين، ولم يتم ترشيح باها في الاختيار الأول. ولو كانت الأمانة العامة بالترشيح المباشر ما فاز بها نهائيا، ولكن القانون التنظيمي ينص على أن الأمين العام هو من يقترح لائحة الأمانة العامة على المجلس الوطني، كما أن باها لم يتنافس على رئاسة المجلس الوطني. أما داخل حركة التوحيد والإصلاح فكان دائما يتم إلحاقه بالمكتب التنفيذي وفق الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحركة. ادريس عدار