التبيين والبيان في حكومة بنكيران استغرق عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وقتا أطول من اللازم في تشكيل أغلبية حكومية جديدة، ولا نعرف بالضبط من كان شرسا في المفاوضات التي جرت وتجرى بين حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، وكي يوضح بنكيران أسباب هذا الاستغراق لم يلجأ إلى أسلوب التصريحات والخطابات كما هو معهود فيه، ولكنه أصدر بيانين متتالين بينهما جوامع ومفترقات، البيان الأول موقع باسم رئيس الحكومة والثاني موقع باسم الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية. وبينما كان منسجما مع وقائع المشهد السياسي في البيان الأول انحرف في البيان الثاني ليزرع لغما أمام حلفائه السياسيين قبل خصومه، ويتعلق الأمر بنيل تفويض لعقد المجلس الوطني، وهو التفويض نفسه الذي حاز عليه عندما تم الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية وفوز الحزب الإسلامي بالرتبة الأولى، حيث أعلنت الأمانة العامة أنه إذا لم يتم تعيين بنكيران، بلحمه وعظمه رئيسا للحكومة فإنه تم تفويض الأمين العام عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للتقرير في الموضوع، وها هو الزعيم الإسلامي يحوز على تفويض جديد في المفاوضات حول تشكيل الحكومة الجديدة. يستعمل بنكيران في البيان والتبيين مفاهيم الناسخ والمنسوخ، حيث تحدث في البيان الأول عن الظروف التي تسير فيها المفاوضات بصدد تشكيل الأغلبية الحكومية، وعلى العموم وصفها بالجيدة، ونفى في الوقت ذاته أن تكون هناك أي تدخلات من بعض الجهات، بمعنى أن التماسيح والعفاريت اختفت في المفاوضات ونتمنى ألا تظهر من جديد بعد تشكيل الحكومة حيث سيعلق عليها بنكيران كل المشاكل التي تعترضه، وهي مشاكل تعترض كل الحكومات. فقط حكومة بنكيران لا تعرف كيف تتصرف وكيف تتعاطى مع المشاكل. وفي البيان الصادر عن العدالة والتنمية تم أيضا التنويه بالمسار الإيجابي الذي تسير فيه المفاوضات حول تشكيل الحكومة، وهو مسار لا توجد فيه لحد الآن أية مشاكل واستغراق كل هذا الوقت يتعلق بظروف انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة وإمكانية دخول حزب التجمع الوطني للأحرار، الحزب الذي مازال يعتبر نفسه في المعارضة ما لم يتم تشكيل الحكومة والإعلان عنها رسميا. في البيانين هناك لغة واحدة تتحدث عن مسار إيجابي وهناك خطاب مواز لبعض قادة العدالة والتنمية الذين كانوا على خصومة مع مزوار حيث قالوا إنهم طوروا مرحلة الصراع مع رئيس الأحرار. غير أن البيان الثاني انعطف انعطافة تنسخ كل ما قيل في البيانين؛ هذه الانعطافة تتعلق بتفويض بنكيران بعقد دورة للمجلس الوطني، وهو سيف يستخرجه بنكيران بين الفينة والأخرى لمواجهة خصومه وحتى حلفائه المفترضين. فخطاب العودة ليس جديدا على بنكيران، إذ كلما عجز عن تنفيذ مخطط من مخططاته إلا وهدد بالعودة. مرة العودة إلى المجلس الوطني ومرة العودة إلى الشعب عبر انتخابات سابقة لأوانها ومرة عبر الخروج إلى الشارع.