بنكيران والمهرجان الشهري يواصل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية (الرجل لا يفرق بين الصفتين)، تحديه للمعارضة ودورها في مجلس النواب. وبتصرفه مع المعارضة يكون بنكيران قد داس على بنود الدستور التي منحت المعارضة دورا رياديا في التشريع وفي مراقبة عمل الحكومة، وأكد على ضرورة منحها كل الوسائل لأداء مهامها. لكن بنكيران يصر على قمع المعارضة من خلال تقليص المدة الزمنية ومن خلال استغلال ظهوره في البرلمان للاستهزاء بها والسخرية منها. ورغم إصرار المعارضة على أخذ حقها عن طريق التوافق فإن بنكيران يريد تكريس عرف تم القبول به في البداية، لكن تبين أنه منح بنكيران هيمنة مطلقة هو وأغلبيته وحزبه على الجلسة، حيث تتعرض المعارضة للقصف العشوائي من طرف رئيس الحكومة ولهجومات عنيفة من طرف نواب العدالة والتنمية، ويستعمل فيها سلاح التلميح الذي يوحي بالأمور الخطيرة، ويقول عنهم بنكيران العفاريت والتماسيح، ويسميهم رفاقه أشباه المعارضة. يقف اليوم بنكيران أمام كراسي المعارضة الفارغة بعد إصرارها على مقاطعة الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، والمخصصة لمناقشة السياسات العامة للحكومة وفق المادة 100 من الدستور، وسينظر في مجلس النواب ليجد نصفه غائبا وليس من المقبول مخاطبة أغلبيته ونفسه وبالتالي سيضطر لمخاطبة الشعب المغربي أو الكتلة الناخبة. وقد يكون بنكيران في هذا الوقت مرتاحا بعد قرار حزب الاستقلال الخروج من الحكومة واللجوء إلى التحكيم الملكي، أي أنه سيخاطب معارضة من داخل الأغلبية وسيبعث إشارات إلى المعارضة الجديدة وسيقول إن الله استبدلني خيرا من المعارضة القديمة. فما معنى مخاطبة الشعب بدل ممثليهم؟ وما معنى الإصرار على تغييب الأساس في مراقبة العمل الحكومي؟ ولماذا لا يريد فتح حوار مع المعارضة؟ ولماذا يركب رأسه ويقول للمعارضة اشربوا البحر؟ إن بنكيران يريد أن يحول الجلسة الشهرية إلى مهرجان خطابي مفتوح. يريد أن يستغل كل الأدوات. يستغل البرلمان ويستغل النقل المباشر لتمرير رسائل. فرئيس الحكومة يشعر بورطة الكرسي الحكومي التي قد تفقده شعبيته بعد أن ظهرت شعبويته وأن كل ما وعد به ليس حقيقة وواقعا وإنما هو كلام للبيع مقابل أصوات الناخبين في وقت يحتاج فيه المجتمع إلى إجراءات عاجلة للخروج من الأزمة وحل الإشكالات وإيجاد أجوبة للأزمة الاقتصادية بدل تأزيم الوضع. لقد حول بنكيران البرلمان إلى منصة للخطابة في أشكالها البئيسة والركيكة، وعندما يعتلي منبر المجلس يتحول من رئيس للحكومة إلى أمين عام للعدالة والتنمية ويتذكر حينها خصوماته السياسية ويتذكر كل من انتقده كي يرد له الصرف. بالطريقة التي تسير عليها الجلسة الشهرية يمكن اعتبارها دوسا على الوثيقة الدستورية وتحويل البرلمان إلى مهرجان للأمين العام للعدالة والتنمية.