عودة القوات الشعبية قلنا أكثر من مرة إن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حاجة مجتمعية وليست له الحرية لفعل ما يشاء، لكنه ملزم بأن يكون معبرا عن القوات الشعبية، إذ الحزب السياسي هو تعبير سياسي عن تفاعلات اجتماعية، فرجال الأعمال يجدون أنفسهم في تعبيرات حزبية ومختلف الطبقات تجد نفسها في شكل حزبي معين، باستثناء حزب العدالة والتنمية، الذي يزعم صاحبه أنه خرج من رحم الشعب، فإنه تعبير عن تطلعات حركة دعوية تنتمي لتيار الوهابية السرورية. والاتحاد الاشتراكي، مهما تكن رؤيتنا له وملاحظتنا عليه، فإنه من العيب الانتقاص منه، خصوصا وأنه عبر في لحظة تاريخية مفصلية عن روح وطنية تغلب مصلحة الوطن عن مصلحة الحزب أو مصالح للقيادة، ووضع كل بيضه النضالي في سلة واحدة وأدى الثمن غاليا، فعندما قبل عبد الرحمن اليوسفي تولي الوزارة الأولى في ظرف حساس كان يغامر بتاريخ القوات الشعبية النضالي أي وضع أربعين سنة من النضال والتضحيات والشهداء في خدمة الوطن. لقد قرر الاتحاد حينها الدخول في مغامرة إنقاذا للوطن الذي وصفه الراحل الملك الحسن الثاني بأنه على أبواب السكتة القلبية. هذه المغامرة أثرت على سمعته وعلى تاريخه وأفقدته نخبة من مناضليه الذين انزووا كما أدت إلى سلسلة من الانشقاقات التي هدمت رمزيته التاريخية وقوته المجتمعية. لكن ينبغي أن نقول أيضا إن الاتحاد الاشتراكي وعموم أبناء الحركة الاتحادية أخطؤوا أيضا عندما استمرؤوا واقع الشتات والحزيبات الصغيرة، وذلك بعد أن انتفت أسس الانقسام وعادوا جميعا للمعارضة. لقد كانت المعارضة قاصمة لظهر الاتحاد الاشتراكي، واختلف الاتحاديون حول الدخول للحكومة، ولم يتمكنوا من تدبير الخلاف بينهم، لكنهم اليوم يتفقون على شيء واحد هو ممارسة معارضة حقيقية أمام المد الرجعي التراجعي الذي تعرفه البلاد على كافة المستويات، على مستوى الاقتصاد والاجتماع والثقافة والحريات. ويمكن اعتبار بدء مسار الاندماج في حزب اشتراكي كبير، اسمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث قرر الحزب العمالي والاشتراكي العودة إلى الحركة الأم واستقطاب المناضلين اليساريين المنزوين، بمثابة وضع القطار على سكته ويحتاج الآن إلى الانطلاق لمحطات تجميع شتات اليسار، وهو تصحيح لوضع خطأ نتج عن مرحلة صحيحة لم يحسن الاتحاديون التعامل معها فأنتجت شتاتا كبيرا. غير أن الخلط الذي تحدثه بعض الأحزاب اليسارية بتحالفها مع قوى المحافظة المتحالفة أو الساكتة بدورها عن قوى التكفير والانغلاق يعقد إلى حد ما مهمة اليسار. إن تجميع اليسار ضرورة مجتمعية وليست حاجة حزبية لتجميع كم أكبر. فإذا كان الاندماج يجيب عن السؤال الأول فسيكون الاتحاد الاشتراكي حزبا للقوات الشعبية قويا أما إذا كان تجميعا عدديا فلن يختلف عن الآخرين.