الأحزاب الوطنية قال عبد الإله بنكيران في وقت من الأوقات وفي لحظة انتشاء إن الأحزاب الوطنية أربعة وهي التي خرجت من رحم الشعب ومن بينها حزب العدالة والتنمية. يومها كتبنا أن هذا ادعاء لا يمكن لبنكيران أن يبرره حتى لو مشى فوق الشوك. لأن حزب العدالة والتنمية هو حزب مجموعة دراويش تحولت من الدعوة إلى السياسة وتغولت فيما بعد. لكنه لم يخرج من رحم الشعب أي لم ينتج عن رغبة في الدفاع عن مصالحه ومطامحه. وبدت هذه الفكرة حينها مجرد تحامل على الحزب الإسلامي. اليوم كل الوقائع تبين أن حزب بنكيران ليس حزبا وطنيا. فالحزب الوطني هو الحزب الذي يضع مصلحة الوطن فوق أي مصلحة أخرى. هو الحزب الذي يفضل خسارة موقع من المواقع على أن يخسر البلد برمته. فيوم قبل عبد الرحمن اليوسفي الوزارة الأولى كان الاتحاديون يعرفون أنهم سيخسرون تنظيميا حيث وضعوا كل رصيدهم النضالي والتاريخي في كفة ووضعوا مصلحة الوطن في الكفة الراجحة فتأثر الحزب بشكل كبير، وضيع العديد من مناضليه الذين فروا نحو أراض حزبية أخرى أو انعزلوا. فالاتحاد حزب ترفرف فوق مقراته روح عبد الرحيم بوعبيد، الذي لم يطلب من تاريخ نضالي كبير أي مغنم من المغانم وعاش للوطن ومن أجل القضية. الحزب الإسلامي الذي زعم أنه حزب وطني وخرج من رحم الشعب هو الحزب الذي انبرى للدفاع عن قرارات الحكومة اللاشعبية. حزب وطني شعبي يدافع عن الزيادة في أسعار المحروقات وعن تجميد ميزانية الاستثمار، وهي كلها قرارات تصب في خانة ضرب القدرة الشرائية للمواطنين وطرد العمال وتشريد الأسر. فطريقة تعامل بنكيران مع الأزمة السياسية، التي خلقها قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة، تبين إلى أي حد هو حزب العدالة والتنمية حزبا وطنيا. يظهر بجلاء كم يرجح الحزب الحاكم المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية. لقد فندت هذه الوقائع كل ما قاله ويقوله بنكيران عن أن المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. لقد أبان عن نفس حزبي ضيق، مفاده حزب العدالة والتنمية ومن بعد الطوفان. حزب يرجح مصلحة الوطن ركب رأسه ورفض الاستماع لصوت ثاني حزب في الأغلبية له اعتراضات على طريقة تدبير بنكيران للحكومة. حزب يرجح مصلحة الوطن يدفع نحو الخيارات الصعبة بدل إيجاد حل للأزمة. حزب يرجح مصلحة الوطن لا تعنيه الأزمة السياسية في شيء ويرفض أي حوار مع شركائه في الأغلبية. حزب يرجح مصلحة الوطن يسعى جاهدا للاستفادة انتخابيا من الأزمة السياسية، ويحاول جاهدا إلصاق فشله في تدبير الشأن العام بالآخرين، بالتماسيح والعفاريت والجن والصحافة والإعلام العمومي. فالحزب الحريص على المناصب وعلى المواقع وعلى التعيينات لن يكون حزبا وطنيا وهو لم يقدم أي خطوة في اتجاه حل الأزمة السياسية.