العفريت الأكبر نستحضر في هذا المقام روايتين جميلتين للكاتب الكبير الراحل محمد زفزاف، الأولى بيضة الديك والثانية الثعلب الذي يظهر ويختفي، فالديك كما هو معروف في حظيرة الدواجن لا يبيض، ولأن خيال الروائي كبير فإنه اختار هذا العنوان الذي يحمل المتناقضات، لكننا نستحضره ونحن ننظر إلى الحكومة الميني ملتحية، أما ثعلب زفزاف الماكر فإنه يظهر متى شاء ويختفي متى شاء. بيضة بنكيران فقصت لتخرج منها فراخ المتناقضات، والحمد لله مازلنا في الإطار الأثير على قلب بنكيران ألا وهو لغة الحيوانات والطيور حيث أبدع فيها وسبق بذلك الرئيس مرسي الذي يتحدث بدوره عن القرد والقرداتي والحاوي والحمامة والأفعى. خرجت فراخ التيه من بيضة بنكيران لتدخل المغرب في معمعان صراعات تافهة ولا تكاد تنتهي وتُشغل الشعب عن أزمته الحقيقية. فلا يكل بنكيران من ترديد عبارة مألوفة لديه وهي "نريد الإصلاح لكنهم لم يتركونا". وهنا السؤال الجوهري يطرح نفسه تلقائيا : من هم؟ ماذا أراد فعله ولم يتركوك؟ والحقيقة أن بنكيران يفعل ما يريد وأحيانا كثيرة دون استشارة أحد وأن الذين وقفوا في وجهه هم أغلبيته الحكومية وليس شيئا آخر. فبنكيران يوم أراد إخراج لائحة المأدونيات لم يتردد ولم يستشر أحدا، أعطى التعليمات لوزيره في التجهيز والنقل، ولم يعترض عليه أحد سوى أغلبيته الحكومية التي رأت في الموضوع تمييعا مقصود منه إلهاء الناس عن عجز الحكومة. ويوم أراد بنكيران إخراج لائحة المقالع فعلَ دون تردد، ونشر اللائحة ولم يعترض عليه إلا أغلبيته التي لم يستشرها في الموضوع. ووقف ثعلب بنكيران عند هذه اللحظة لأن الناس كانت تنتظر إجراءات من خلف نشر هذه اللوائح لكن اكتشفوا أنها مجرد "بلية" ابتلي بها بنكيران ووزراؤه، حيث أخرج الشوباني لائحة الجمعيات المستفيدة من الدعم الأجنبي دون أي حديث عن الدعم القادم من المشرق لجمعيات سلفية، وكذلك فعلت زميلته بسيمة الحقاوي. وتحدى بنكيران أغلبيته وصاغ الميزانية على هواه، وانتفض في وجهه أحزاب التحالف الحكومي قبل غيرهم. ولما ظهر له أنه لا يعرف جداول الضرب والحساب خصم 15 مليارا من ميزانية التجهيز. وفعلها بنكيران دون العودة إلى الأغلبية ودون استشارة وزير المالية. "اللي بغاها بنكيران كيديرها" والتي لم يفعلها فهو جاهل بها فقط. فبنكيران لم يفعل شيئا وقاومه الآخرون فهو في الحقيقة لم ينطلق في شغله حتى يعترض سبيله العفاريت والتماسيح. فمشكلة بنكيران أنه فشل في الديبلوماسية وينتظر ما تفعله الديبلوماسية السيادية وفشل في الاقتصاد وينتظر بركات الاقتصاد السيادي والتمويلات التي تأتي بفضل ضمانات الملك، وفشل في التشغيل وفشل في ضمان الشغل للعاملين وفشل في إدارة الحوار الاجتماعي. ومع كل هذا الفشل يحيلنا على التماسيح والعفاريت. ولغة العفاريت تحيل بدورها على العفريت الأكبر الذي يخرج من الفانوس السحري ليقول لنا "شنو بغيتو"، سنقول له "بغينا نحيدو بنكيران" لأن الرجل أثبت أنه يعيش أيامه الأخيرة وأنه ليس في العير ولا في النفير