شكاية بالخطإ إلى رئيس الحكومة قررت المعارضة بمجلس المستشارين رفع شكاية إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وذلك على خلفية ما وقع الثلاثاء الماضي خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي تحولت إلى سوق بفعل تصرفات مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي مارس تصرفات أزعجت المستشارين وعموم المواطنين. ونحن نرى أن المعارضة قد أخطأت الطريق في التوجه الى بنكيران لسببين. السبب الأول يتعلق بالعلاقة التي تربط بنكيران بالرميد منذ زمان، فالرميد هو زميل و"أخ" لبنكيران وهو أيضا قيادي في حزب العدالة والتنمية، ولا يمكن أن ننتظر من بنكيران أن ينصف البرلمانيين، لأن بنكيران يعتمد على الرميد في خلق التوازنات داخل حزبه وحتى داخل الأغلبية الحكومية، ويمكن للرميد أن يلعب دور المشاغب وخلق التوتر مثلما يلعب تلك الأدوار كل من أفتاتي وبوانو بل هما نسخة طبق الأصل للوزير الرميد. فهل تنتظر من رئيس حكومة يعتمد على وزير في خلق التوازنات أن يكون منصفا في الحكم بينه وبين المعارضة؟ أما السبب الثاني وهو جوهري ودستوري. فالبرلمان سلطة تشريعية تكتسي من الأهمية داخل البلد أكثر مما تكتسيه السلطة التنفيذية بل إن هذه الأخيرة تنبثق عن الأولى، وبالتالي فإن السلطة التشريعية لا يمكن أن تنزل درجة لتشكو وزيرا إلى رئيس السلطة التنفيذية الذي يعتبر وليدا لها وليس العكس. لقد أخطأت المعارضة في توجيه الشكاية إلى رئيس الحكومة لأن طبيعة الشكاية تحكيمية. فكان عليها أن توجهها إلى جلالة الملك، رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء. وتجد هذه الطريق مسلكياتها الدستورية في حين لا ترتكز الشكاية في اتجاه رئيس الحكومة على أي أساس. ينص الفصل 42 من الدستور "الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة". وينص الفصل 48 "يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء". ويتضمن الدستور بندا يعطي الامتياز للبرلماني لا يعطيه للوزير "لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك". لكل هذه الاعتبارات نعتبر أن المعارضة أخطأت الطريق في توجيه الشكاية. أخطأت طريق الرسالة ووجهتها. فالرسالة ينبغي أن توجه إلى الملك وفق ما يمنحه له الدستور من صلاحيات وباعتباره الحكم الأسمى. ولا يتوفر بنكيران على أي صفة تجعله حكما بين البرلمانيين والوزراء فبالأحرى أن يكون حكما عادلا بين معارضة تنتمي لمجلس لا يتوفر فيه بنكيران على أية تمثيلية وبين وزير هو خالق للتوازنات وسط العدالة والتنمية. إن المعارضة إذا أرادت الإنصاف عليها أن تتوجه إلى الملك من أجل الحرص على سير المؤسسات الدستورية.