بدأت معالم انقلاب سياسي على حكومة عبد الإله بنكيران تظهر بعد أقل من أسبوع على انتخاب حميد شباط أمينا عاما لحزب الإستقلال أحد أهم ركائز التحالف الحكومي، ويظهر من خلال تصريحات الأمين العام الجديد أن التعديل الحكومي ليس سوى استهلاك إعلامي وذريعة سياسية من "حكيم" حزب الإستقلال الجديد وأستاذ بنكيران في الشعبوية النضالية. وبرزت ملامح الإنقلاب على بنكيران من خلال أربع نقط أساسية، أولها إعلان شباط رفضه لأي قانون مالية جديد في حال تضمن مبادئ تقشفية جديدة، وثانيا مطالبته بتشغيل الأطر العليا الذي التزمت معه حكومة الوزير الأول السابق، وتشكيل تحالف حكومي قوي ليس فيه هيمنة حزب على آخر، ومغازلة البام والدجعوة إلأى إحياء الكتلة التاريخية مع استبعاد التقدم والإشتراكية الذي يختلف من حيث المرجعية التاريخية والسياسية مع حزب الإستقلال المحافظ. وكان شباط، اتهم حكومة بنكيران بالضعف وعدم مسايرة التطورات التي تعرفها البلاد، محذرا من سكتة قلبية جديدة يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة، وقال شباط أمس الثلاثاء في ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، إن كل المؤشرات تؤكد أن المغرب يوجد في مرحلة صعبة، وأن أداء الحكومة لا يساير مطالب الشعب المغربي، مما يهدد بوقوع احتقان اجتماعي ستكون نتائجه وخيمة، وطالب الأمين العام للحزب باعتماد إجراءات سياسية غير مكلفة، لتجاوز حالة الجمود التي يوجد عليها الأداء الحكومي، مؤكدا أن الأجواء العامة لا تبشر بالخير، مشيرا إلى أن المعركة الحقيقية اليوم هي من أجل التنمية، عبر فتح الباب أمام المستثمرين، وتسريع وتيرة عمل الإدارة. وكشف شباط عما أسماه برنامجا واقعيا سيقدمه للتحالف الحكومي، من أجل تقوية الأداء، موضحا أن هذا البرنامج البديل نابع من تجربته الواقعية كعمدة لمدينة فاس، موضحا أن مشكلة العدالة والتنمية تمكن اليوم في قلة تجربة الحزب في تدبير الشأن العام، وهو ما انعكس سلبا على الأداء الحكومي برمته، واضعا مجموعة من الحلول التي يمكن من خلالها تجاوز دهشة البداية التي مازالت تسيطر على وزراء الحزب الحاكم. وأكد شباط أن المغرب يحتاج اليوم إلى حكومة تتجاوز الشعارات، مؤكدا أن الاحتقان الاجتماع قد يفعل فعلته، وانتقد الأمين العام للحزب ما اعتبره قرارات تتم خارج نطاق ميثاق الأغلبية، مؤكدا أن قرار الزيادة في أسعار المحروقات تم خارج التحالف، مع أن الأمر يتعلق بقرار سياسي والكلمة فيه تكون للتحالف السياسي، وليس للوزراء، موضحا أن السياسة تتطلب نوعا من الجرأة وهي الصفة التي لا توجد في عدد من وزراء الحكومة الحالية. في سياق آخر رفض شباط تشبيهه ببنكيران، وقال إن مساره السياسي يختلف عن المسار السياسي لزعيم العدالة والتنمية، موضحا أنه ينتمي إلى المدرسة الواقعية وسيظل كذلك نافيا عنه صفة الشعبوية، وقال شباط بنبرة انفعالية، "أنا استقلالي محظ ولن أنافس شخصا آخر". وطالب شباط بتوحيد لغة الخطاب، موضحا أن بعض أحزاب الأغلبية تعتمد مبدأ ازدواجية الخطاب، مشيرا إلى أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي أولا تحديد المسؤوليات. وحدد شباط ما أسماه الخطوط العريضة لعمل الحكومة وذلك وفق برنامج تعاقدي، مشددا على ضرورة فتح باب المنافسة في الصفقات، واسترجاع أراضي صوديا التي لم يلتزم المستفيدون منها بدفتر التحملات، كما دعا إلى وضع قانون مؤطر للفساد ووضع هيئة وطنية لمحاربة اقتصاد الريع، موضحا أن اجتماع تحالف الأغلبية المقبل سيكون ببرنامج عمل وجدول أعمال محدد، وعاد شباط من جديد للحديث عن التعديل الحكومي، موضحا أن هذا الأمر أصبح اليوم ضرورة، وأضاف أن المغرب عرف في عهد الحكومة الحالية كثيرا من التراجعات من حيث التمثيلية، أبرزها تهميش المرأة، وقال شباط بنبرة استخفاف، إن بنكيران طبق الآية الكريمة "وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، مبرزا أنه سيطالب بدور أكبر للمرأة وتمثيلية الجهات الجنوبية، وأضاف شباط أن أي فشل للحكومة الحالية سيدفع ثمنه حزب الاستقلال غاليا، موضحا أن الأمر لا يتعلق فقط بأداء وزراء الاستقلال ولكن بأداء حكومي شامل، قبل أن يؤكد على أن وزراء حزب الاستقلال لا يمثلون أنفسهم في الحكومة ولابد أن يعودوا للقيادة في أي قرار يتم اتخاذه، منتقدا موقف محمد الوفا الذي اتخذ قرارا بإلغاء الترخيص لأساتذة التعليم العام بالتدريس في مؤسسات التعليم الخصوصي، وأوضح أن القرار حرم أبناء المغاربة من حقهم في التعليم داعيا في الوقت نفسه إلى تشجيع التعليم الخصوصي الذي يمكن أن يوظف ما يقارب 15 ألف أستاذ سنويا، كما انتقد وزير الجالية عبد اللطيف معزوز وقال إنه لم يتمكن بعد تسعة اشهر من الوقوف على الإشكاليات الحقيقية التي تعاني منها الجالية المغربية، مشددا على أنه سيقوم بنقد داخلي لعمل وزراء الاستقلال قبل اتخاذ أي قرار بشأنهم. من جهة أخرى، غازل شباط حزب الأصالة والمعاصرة، مؤكدا أنه حزب تمكن في ظرف وجيز من الانتقال من حزب الإدارة، إلى حزب ينافس في الساحة السياسية بكل مسؤولية وجرأة، مبديا إعجابه بأداء نواب ومستشاري البام وطريقة ممارستهم للمعارضة. إلى ذلك نفى شباط أن يكون مارس العقاب في حق أي استقلالي، وأكد أنه بعد انتخابه أمينا عاما أصبح أمينا لكل الاستقلاليين، مؤكدا أن خديجة الزومي عاقبتها ديمقراطية المجلس الوطني. كما شدد على انتخاب الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين ستتم بشكل شفاف، معلنا أن المؤتمر العام للنقابة سيكون يوم 27 يناير المقبل، وأضاف أن المنافسة ستكون مفتوحة بين الجميع وبصناديق شفافة ونزيهة، موضحا أنه سيتم خلال أول اجتماع للمجلس الوطني عرض ميزانية الحزب وممتلكاته، في إطار القانون.