أصبحت أغلبية الأحزاب السياسية مطالبة بتغييرات جذرية في بنياتها وهياكلها انسجاما مع الأجواء العامة التي يعيشها المغرب بعد الخطاب الملكي ليوم التاسع من مارس الجاري، ولم يعد مقبولا وسط شبيبات الأحزاب أن تستمر القيادات الحالية في تدبير المرحلة الموسومة بالمطالب الشبابية المرفوعة من خارج التنظيمات الحزبية، وخلقت هذه الأجواء انتفاضات داخل الأحزاب وتمرد الشباب على الشيوخ، وهناك أحزاب أخرى قررت عقد مؤتمراتها قبيل الاستفتاء العام على الدستور لتغيير هياكلها أو تثبيتها قصد التعامل بجدية مع روح المرحلة. ويوجد حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي على رأس الأحزاب السياسية المطالبة بتغيير قياداتها سواء لأنه طال بها الأمد أو لأنها من العهود السابقة، فعباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، أنهى الفترة الزمنية التي يسمح بها قانون الحزب لكن تشبت بمنصبه بحكم كونه وزيرا أول ويقر النظام الداخلي للحزب أن الأمين العام لا يتولى هذا المنصب لأكثر من ولايتين، ولم يتم لحد الآن الحسم فيما إن كان حزب الاستقلال سيعقد مؤتمره قبل يناير 2013 التاريخ الفعلي لعقد المؤتمر ويبقى قرار تعجيل عقد المؤتمر مرتبطا بالمجلس الوطني للحزب، أما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فيوجد على رأسه كاتبا رافق القيادة الاتحادية في كل مراحلها وقضى أكثر من نصف قرن في العمل السياسي وبالتالي فهناك أجيال تعاقبت على الاتحاد لم تعد قادرة على التواصل مع هذا النوع من القيادات. وتتداول أوساط حزب الاستقلال أسماء عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي للحزب علال الفاسي، ونزار بركة، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون العامة وسعد العلمي، وزير تحديث القطاعات العامة، وتوفيق حجيرة وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، لخلافة عباس الفاسي، وهناك أسماء أخرى لها قوة كامحمد الخليفة ومحمد الوفا ويبقى حميد شباط الظاهرة السياسية الذي تعود على خلق المفاجآت خصوصا وأن له سابقة في انتزاع الاتحاد العام للشغالين، أما الاتحاد الاشتراكي فلم يعد ممكنا أن يحتفظ بعبد الواحد الراضي كاتبا أول لكنه سيجد صعوبة في اختيار خلف له. ويبق التجمع الوطني للأحرار الحزب الذي سيخرج من هذه المرحلة بأقل الخسائر لأنه عاش توترات عميقة أوصلت صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية لرئاسة الحزب، وقد قرر هذا الأخير عقد مؤتمره في يونيو المقبل للتفاعل مع المستجدات لكن من المستبعد أن يتم تغيير القيادة خصوصا وأنها القيادة نفسها التي قادت الحركة التصحيحية وكانت أنباء تداولت منافسة عزيز أخنوش لمزوار لكن المعني بالأمر نفى الموضوع إطلاقا وقال إنه يساند رئيس الحزب قصد تنفيذ برنامج الحركة التصحيحية. وفي سياق آخر قال قيادي بحزب الحركة الشعبية إن هذا الأخير من المستبعد أن يعقد مؤتمرا في الوقت القريب لأنه انتخب قيادة بشكل ديمقراطي سنة 2010 حتى لو كانت عليها بعض التحفظات من أطراف داخل الحزب فإنها مخولة لتدبير المرحلة ويمكن أن يصعد تيار وجيل آخر للقيادة في المؤتمر المقبل. ويعيش الاتحاد الدستوري أزمة قيادة منذ وفاة مؤسسه المعطي بوعبيد وخلفه عبد اللطيف السملالي، حيث لم يعد الحزب يلعب أدواره التي كانت في السابق خصوصا وأنه الحزب الذي دافع عن سياسة الدولة في تبني برنامج التقويم الهيكلي ويمثل الليبرالية المغربية ويتوفر على أطر كفؤة لكنه في حاجة إلى قيادة بمستوى المرحلة ولم يستبعد قيادي في الاتحاد الدستوري عقد مؤتمره في يونيو المقبل لكن لم تظهر لحد اليوم شخصيات لها مواصفات القيادة الحزبية ويتجه الدستوريين نحو اختيار شخصية وسيطة بين الشيوخ والشباب.