كتب الباحث في العلوم السياسية و القانون الدستوري، عمر الشرقاوي، على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" قائلا إن وضع عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المنتهية ولايته حدا لمشواره التمثيلي داخل مجلس النواب وقدم استقالته من الغرفة الاولى التي انتخب عضوا فيها بمناسبة استحقاقات 7 اكتوبر الماضي، القرار المفاجئ لبنكيران يستوجب الوقوف عند من الملاحظات. أولها حسب ذات المتحدث، أن القرار لا علاقة له بحالة التنافي المنصوص عليها في القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب كما يريد ان يسوق ذلك الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، فبنكيران لا يتوفر على صفتين يمنع القانون الجمع بينهما، بل هو برلماني سقطت عنه الصفة الحكومية منذ تعيين العثماني رئيسا للحكومة. ولا ننسى القرار الشهير للمحكمة الدستورية الذي اصدرته سنة 2012 التي قالت ان اجل شهر لإنهاء التنافي التي تطبق على الوزراء لا يشرع في اكتسابها لدى رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها الا بعد تعيينها من طرف الملك، ومادام بنكيران لم يشكل الحكومة فإن الحديث عن التنافي غير ذي موضوع. وأضاف أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق المحمدية، أن الاستقالة تدخل ضمن الحقوق الدستورية المخولة لحامل الصفة البرلمانية، وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية في عشرات من قراراتها خصوصا الاستقالات الأخيرة التي عرفها مجلس النواب عشية انتخابات 7 اكتوبر. وأشار ذات المتحدث في تدوينته، لئن كانت الاستقالة حقوق مضمون من حقوق البرلماني فقرار استقالة بنكيران جاء مفاجئا ومتناقضا مع خطابه الأخير امام اللجنة المركزية لشباب حزبه والذي أكد فيه أنه كان يستعد للانسحاب من السياسة بيد ان الثقة التي وضعتها على عاتقه الكتلة التي صوتت عليه تفرض عليه الاستمرار والنضال. قرار الاستقالة هو قرار سياسي لتجنب احراج مباركة البرنامج الحكومي لحكومة العثماني خلال جلسة التصويت الاسبوع المقبل. فاستمرار بنكيران كبرلماني كان سيفرض عليه خيارين ولكل منهما تكلفته السياسية، اولهما الحضور لجلسة التصويت وانداك سيكون امام ثلاث احتمالات التصويت بنعم او لا او الامتناع. او الخياري الثاني وهو الغياب عن جلسة منح الثقة الذي يعني عمليا التصويت بالرفض او على الأقل يعادل الامتناع عن التصويت .يؤكد عمر الشرقاوي. استقالة بنكيران هي صيغة مهذبة من صيغ سحب الشرعية عن حكومة زميله في الحزب، وربما قد يكون هذا القرار بمثابة ضوء أخضر لباقي النواب في حزبه لاتخاذ قرارات سلبية اتجاه الحكومة التي يتصدرها حزبهم. قرار الاستقالة يمكن قراءته كذلك على أنه نوع من التمرد و الاحتجاج السياسيين على ما آلت إليه الأوضاع السياسية بعد اعفاءه من طرف الملك. فاستقالة بنكيران تقول ضمنيا ما الفائدة من الانتخابات وتمثيلية البرلمانية اذا كانت النتائج الحكومية غير تلك التي كان يتوخاها جزء من الرأي العام. الاستقالة قد تكون اول خطوة سياسية لإنهاء المشوار المؤسساتي لبنكيران. وقد يكون من وراء هذا القرار تحقيق هدفين، اما التقاعد السياسي بشكل نهائي، أو الشروع في استراتيجية جديدة للنضال بعيدا ان اكراهات التحفظ التي تفرضها الصفات الدستورية. استقالة بنكيران قد يكون لها دوافع نفسية وبروتوكولية كذلك ، فالسوابق البرلمانية خلال 60 سنة لم تسجل تحول وزيرا اول او رئيس حكومة إلى برلماني فقط. وحتى رؤساء البرلمانات السابقين وجدوا صعوبات كبيرة للتكيف مع دور برلماني عادي (مصطفى المنصوري، عبد الواحد الراضي.. ). مما كان يدفعهم إلى الغياب المستمر. وختم الشرقاوي تدوينته بالقول، أن استقالة بنكيران قد تعني محاولة تجنب سيف الرقابة الذي كان سيضرب على أداءه وحضوره وغيابه وحرج تعويضاته وسفرياته. بنكيران لم يكن مستعدا ان ينهي مشواره بصفة برلماني تحت القصف وفضل الخروج من باب صفة رئيس حكومة سابق.