هذه الحالة التي ترجع إلى 430 ألف عام مضت ربما تكون أقدم لغز في العالم يتعلق بحوادث القتل.. حيث قال العلماء، أمس الأربعاء، إن حفرية جمجمة اكتُشفت بأعماق كهف في إسبانيا تقف دليلا لا يقبل الجدل على حدوث جريمة قتل مع وجود كسرين بالجمجمة بنفس السلاح. وعُثر على الجمجمة، التي تخص فردا بدائيا من نسل "النياندرتال"، في موقع جنائزي على ما يبدو أسفل بئر بمنطقة موحشة اسمها يدل عليها إذ تسمى بالإسبانية "سيما دي لوس اويزوس" أو"هاوية العظام" في منطقة جبال اتابويركا. وعُثر على بقايا ما يقرب من 30 فردا في قاع البئر التي يصل عمقها الى 13 مترا. وتُبيّن الجمجمة التي اهتم بها العلماء أن الجنس الحالي لإنسان العصر الحديث "هومو سابينس" أي "الإنسان العاقل" لا يمكنه أن يزعم احتكاره لجرائم القتل دون غيره. وفي هذا السياق، قال عالم الأحياء القديمة نويمي سالا من "مركز التطور البشري" في مدريد: "قُتل هذا الشخص في حادثة عنف مميتة بين شخصين، الأمر الذي يفتح نافذة على جوانب لم تكن مرئية للحياة الاجتماعية لأسلافنا من البشر". وهذا هو أقدم نموذج معروف للقتل الذي حدث منذ 230 ألف سنة قبل بدء ظهور الجنس البشري لأول مرة في افريقيا. وأضاف سالا: "بناءً على أوجه التشابه في شكل وحجم الجرحين، نعتقد أنهما نتجا عن ضربات متتالية بنفس الآلة. وأحدث الكسرين شخص آخر (غير المقتول) في مواجهة مباشرة على ما يبدو". وأصيب الضحية بكسرين غائرين على الجانب الأيسر من الجبهة فوق العين. وبالاستعانة بوسائل الطب الشرعي التي تستخدمها الشرطة حالياً، فسّر الباحثون أسباب الجرحين وقالوا إن اتساع الواحد يبلغ 2 سنتيمتر، ما يدل على استخدام القوة الغاشمة وقت الحادث. وأوضح خوان لويس ارسواجا من جامعة مدريد: "فحصنا العظام مجهريا واستخدمنا الأشعة المقطعية". وأضاف أن المجني عليه كان شابا، لكن لم يتضح إن كان رجلا ام امرأة.. وليس من المرجح معرفة الجاني او الدافع وراء القتل. أما سالا فكشف أن السلاح المستخدم ربما يكون رمحا خشبيا أو حجريا أو فأس. وأضاف، في البحث الذي نشرته دورية "بلوس وان" العلمية: "لسوء الطالع.. من المستحيل تفسير الدافع وراء القتل. حتى شرلوك هولمز نفسه لا يمكنه أن يساعدنا في ذلك".