واجهت صحيفة جمهورييت المعارضة التركية الاربعاء وحدها الضغوط والتهديدات المتزايدة في الدول المسلمة، اثر نشرها بعض رسوم صحيفة شارلي ايبدو الساخرة واحداها للنبي محمد، بعد الاعتداء الذي قضى على هيئة تحرير الصحيفة الفرنسية. وبعد عملية دهم قامت بها الشرطة ليلا لمقر الصحيفة المعارضة بشدة للرئيس الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان، وزعت جمهورييت ملحقا من اربع صفحات يتضمن مقتطفات مترجمة الى التركية من عدد شارلي ايبدو الصادر الاربعاء، والذي اثار مجددا غضب العالم الاسلامي. واعلنت جمهورييت على موقعها الالكتروني ان الشرطة داهمت ليلا مركز توزيعها في اسطنبول وتفحصت مضمون الصحيفة واتصلت بنائب عام قبل السماح بتوزيعها. وكان من المقرر اساسا ان توزع الصحيفة العدد الكامل من شارلي ايبدو غير ان ادارتها قررت الثلاثاء بعد مناقشة المسالة الاكتفاء باربع صفحات تختزل ابرز ما في الصحيفة الفرنسية. غير ان محكمة تركية امرت الاربعاء بحجب مواقع الانترنت التي تعيد نشر رسم النبي محمد المنشور على الصفحة الاولى لصحيفة شارلي ايبدو، وفق وكالة انباء الاناضول. ويمثل الرسم النبي حاملا لافتة عليها كتابة "انا شارلي" التي رفعها ملايين المشاركين في مسيرات في فرنسا والخارج تضامنا مع الصحيفة بعد الهجوم الذي اودى بالقسم الاكبر من هيئة تحريرها في 7 كانون الثاني/يناير وفي الكاريكاتور الذي يحمل توقيع الرسام لوز يظهر النبي دامع العين وهو يحمل لافتة كتب عليها "انا شارلي" على غرار الملايين الذين تظاهروا في فرنسا والعالم تنديدا بالهجمات التي شنها جهاديون الاسبوع الماضي واوقعت 17 قتيلا خلال ثلاثة ايام. والصحيفة التركية هي حتى الان وسيلة الاعلام الوحيدة التي تجرات على نشر هذه الرسوم في بلد مسلم. اما وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، فقد دعا الى "الاحترام" المتبادل للقيم و"المقدسات" بعد تنديد الخارجية الايرانية برسوم العدد الجديد، معتبرة انه "خطوة مهينة" و"يسيء الى مشاعر المسلمين". واعتبر تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف نشر الصحيفة الساخرة رسوما جديدة للنبي محمد "خطوة بالغة الحماقة"، بحسب نشرة اخبارية لاذاعة تابعة للتنظيم. كما ندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الداعية القطري من اصل مصري يوسف القرضاوي، بنشر الرسوم الجديدة للنبي، معتبرا ان هذه الخطوة "ليست من الحكمة" و"تساعد المتطرفين". اما الازهر في القاهرة فدعا المسلمين الاربعاء الى "تجاهل هذا العبث الكريه" معتبرا انه "سيؤجج مشاعر الكراهية". ونددت صحف اردنية بعدد الصحيفة الجديد معتبرة ان الرسم "عبث" و"عدوانية" و"استفزاز غير مبرر" لمشاعر المسلمين حول العالم. لكن في فرنسا دعت اكبر منظمتين لمسلمي فرنسا، المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية واتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا، الثلاثاء المسلمين الى "الحفاظ على هدوئهم" و"احترام حرية الرأي". واعتبر رئيس تحرير جمهورييت اوتكو شاكر اوزير في مقابلة مع تلفزيون فرانس برس ان "هذه الصفحات لا تتضمن ما يهين ايا من المعتقدات، سواء كانت معتقدات المسلمين او المسيحيين او اليهود". واوضح "ابدينا الحذر الشديد فامتنعنا مثلا عن نشر الصفحة الاولى للصحيفة الفرنسية على صفحتنا الاولى". وفي افتتاحية قصيرة، يصف الكاتب السياسي حكمت جيتينكايا بشكل مقتضب الرسم ويضيف "اكرر مرة جديدة ان الارهاب جريمة ضد الانسانية ايا كان مصدره. لذلك يحمل (النبي) بيده لافتة +انا شارلي+". ومارست السلطات الاسلامية المحافظة التركية رقابة شديدة على صدور هذا الملحق الداخلي الذي كان اعلن عنه رئيس تحرير شارلي ايبدو جيرار بيار الثلاثاء، وهي غالبا ما نددت في الماضي ب"استفزازات" الصحيفة الفرنسية. وجمهورييت التي اسسها عام 1924 مقرب من مؤسس تركيا الحديثة والعلمانية مصطفى كمال اتاتورك، معارضة بشدة للنظام الحالي وواجهت خلال السنوات الماضية العديد من المحاكمات والعنف والسجن. واكد شاكر اوزير لفرانس برس انه يتلقى تهديدات منذ صباح الثلاثاء. وانتشرت الشرطة صباح الاربعاء امام الصحيفة في انقرة خشية حصول تظاهرات.