وزير الشباب والرياضة، محمد أوزين، في وضع حرج للغاية، وإذا لم يقدم استقالته، اليوم قبل الغد، فإنه يضع الحكومة كلها في حرج شديد، ويضع حزبه في مأزق كبير، ويضع مستقبله السياسي في خطر. لماذا؟ أولا: الفضيحة التي وقعت الأسبوع الماضي كبيرة، حيث تحول ملعب مولاي عبد الله إلى بركة ماء، واللاعبون الأجانب إلى بط يسبح فوقها، في الوقت الذي صرفت الحكومة من أموال دافعي الضرائب 22 مليار سنتيم لإعادة تأهيل أرضية الملعب والعشب وباقي المرافق. ولأن كرة القدم أصبحت لعبة عالمية، وأصبح اللاعبون هم أكبر السفراء لبلدانهم، فإن فضيحتنا أصبحت عالمية أيضاً، وصارت المملكة مادة للسخرية في كل وسائل الإعلام العالمية، وهذا لا يليق ببلاد كانت تطمح إلى تنظيم كأس العالم، فإذا بها غير قادرة على تصريف بعض الميلمترات من مياه الأمطار في ملعب كلف الكثير. ثانيا: السيد الوزير الحركي جداً أقر بمسؤولية وزارته عن فضيحة الموندياليتو، وعمد إلى توقيف الكاتب العام للوزارة ومدير الرياضات بها حتى قبل نهاية التحقيق، وهذا معناه أنه يقر بالمسؤولية عما حدث من تلاعب في أعمال الصيانة وإعداد الملعب لاستقبال تظاهرة عالمية مثل هذه، لكن الذي لم يقم به الوزير الشاب إلى الآن هو الذهاب بعيدا في الإقرار بالمسؤولية عما حدث، وأخذ قلم وورقة بيضاء وكتابة الاستقالة، وإرسالها إلى ديوان رئيس الحكومة، لأن المسؤولية السياسية للوزير ثابتة، أما الباقون فيجب أن يذهبوا إلى القضاء للبحث في التهم الموجهة إليهم (عدم مراقبة أعمال الشركة أو السماح بلعب مبارايات أخرى قبل الموندياليتو وعدم ترك العشب يستقر في أرضية الملعب، وعدم التدقيق في دفتر التحملات والالتزامات، واحتمال وجود تواطؤ بين كبار المديرين في الوزارة ومسؤولي الشركة التي حصلت على صفقة بقيمة 22 مليار سنتيم). ثالثا: الناس يشعرون بالصدمة والإهانة، وشعورهم الوطني مس في الصميم، وإطلالة بسيطة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تعطيك فكرة عن حجم الغضب الذي يشعر به المغاربة على الوزير الذي لم يكلف نفسه حتى عناء الاعتذار وأمس «فر» في شجاعة نادرة من مساءلة البرلمان فتغيب بدون عذر في مجلس الأمة، أوزين بدا مرتبكا وهو يوزع التصريحات الخرقاء هنا وهناك، مثل دفاعه عن جودة العشب والأرضية دون أن ينتظر نتيجة التحقيق، ثم رجع وقال: «أنا قلت ما سمعته من أطر الوزارة»، والغريب في كل هذا أن وزارة الشباب والرياضة تريد أن تحمل الشركة التي تكلفت بإصلاح الملعب المسؤولية وحدها، دون أن يتحمل الوزير وفريقه نصيبهما من المسؤولية، فالمغاربة لم ينتخبوا الشركة لتكون مسؤولة عن سلامة الملاعب.. هذه مسؤولية الوزارة التي قالت، في محاولة للتهرب من تحمل المسؤولية: «إن الوزارة لم تتسلم بعد الملعب من الشركة رسميا»، وهذا عذر أقبح من الزلة، إذ كيف تعرض الوزارة أرواح الآلاف من المغاربة والأجانب للخطر، وتنظم مقابلة لكرة القدم في ملعب لم تتأكد من سلامته، ولم تفحص سلامة الأشغال التي تمت فيه ولم تتسلمه رسميا من الشركة… هذا الارتباك واللعب على الحبال يذكرنا بالطريقة التي أدار بها عبد العظيم الكروج فضيحة الشوكولاتة التي تورط فيها، وجاء زميله موبديع وغطى عليه، ووضع الجميع، الحكومة وحزب الحركة، في حرج شديد. الآن الفضيحة أكبر، وهي عالمية، والمسؤولية يتحملها كذلك رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، المشغول هذه الأيام بالجنائز التي تخرج من بيته، لكن يجب أن ينتبه إلى ألم وحزن المغاربة على وجود وزراء بلا حياء ولا إحساس بالمسؤولية، مستعدين للتشبث بالمنصب ولو على حساب صورة البلد ومشاعر الناس.. وحده غضب الجهات العليا من يخيفهم، أما غضب الشعب فلا يحرك شعرة في رأسهم…