فردت جريدة الأحداث المغربية في عددها لنهاية هذا الأسبوع مواداً مختلفة لموضوع واحد، وهو تأهيل الجزائر لدور الثمن في نهائيات كأس العالم المنظم في البرازيل... في وسط الصفحة، خصصت إعلانا لمادة تقع في الصفحة 27، بعنوان جزائريون يخربون شوارع فرنسا احتفالا بتأهل منتخبهم! وهي بمساحة 11 سنتيم على 14,5 سنتيم أي ما إجماله 1,5سنتيم مربع، في الأسفل على الجانب الأيمن من نفس الصفحة في زاوية من صميم الأحداث، وهي المادة التي تصل مساحتها إلى 12,5 سنتيم على 5 سنتيمات، أي ما إجماله0,7سنتيمترات مربعة، وأخيرا طوار الجريدة المعنون بعلى مسؤوليتي والمعنون بعلم البوليساريو وتأهل الجزائر، والذي تبلغ مساحته 17,5 سنتيم على 9,5 سنتيم، أي حوالي 1,6سنتيم مربع... هذه المواد حول الجزائر احتلت ما يناهز 40 بالمائة من مجموع الصفحة الأولى التي تصل مساحتها إلى 9 سنتيمترات مربعة، والتي هي بطول 30 سنتيم وعرض31 سنتيم... كل هذه المواد بنكهة عداء واضحة للجزائر برمتها، أرضاً، وشعباً، وساسة... ليطرح السؤال : ما الذي يجعل جريدة محترمة مثل الأحداث المغربية، ترسم لنفسها خطا استعدائيا للجزائر... مقلدة في ذلك جريدة الشروق الجزائرية التي تعادي كل ما هو مغربي، مع العلم أن جريدة الشروق تعلن انتماءها إلى المخابرات الجزائرية، فهل تكون الأحداث المغربية منتمية إلى المخابرات ببلدنا؟ لحسن الحظ أنه ليست كل الصحافة المغربية على هذه الشاكلة، فالكثير منها، الورقية أو الإلكترونية، تناولت الموضوع بالكثير من الفرح وفي حالات قليلة، ببعض الحياد المهني.... ولحسن الحظ أيضاً، أن مقروئية الجريدة محدودة، بفعل سياستها الجديدة أولا، وبفضل الأمية المنتشرة بيننا، والتي ليس لنا سوى أن نحمد الله عليها في هذه الواقعة.... من السهل محاججة ما كتب في هذه الجريدة حول فرح الجزائريين الذي أدى إلى تخريب الشوارع في باريس، مع أن تجولاً بسيطا في القنوات الفرنسية وفي صحافتها، يظهر أنه لا أثر لهذا التخريب المزمع، هناك فرح وتحليل لمظاهر الفرح، والقليل من التجاوزات يتم معالجتها فرنسيا، لا بنسبها إلى الجزائريين وحدهم.... من السهل أيضا الرد على الزاوية التي تشير إلى عجز الرئيس الجزائري الصحي، وعدم قدرته على كتابة الخطاب/الرسالة التي وجهها إلى الشعب الجزائري بمناسبة هذا الفوز، وذلك بالتذكير بأن ذلك كان خياراً شعبيا يجب احترامه أولا، وأن هناك من الزعماء من هم في صحة جيدة وبسن أصغر بكثير من بوتفليقة، ولا يستطيعون كتابة رسالة أو خطاب، ويعهدون بذلك، لعجزهم أو لانشغالهم، إلى اختراع اسمه الديوان، الرئاسي أو الملكي، لتدبيج هذه الرسالة... دون التذكير أخيرا بأن المؤشرات الاقتصادية والمتعلقة بالتنمية وبالديمقراطية في الجزائر وفي عهد بوتفليقة، في مرتبة جد متقدمة بالمقارنة مع مؤشرات هذا البلد الذي تصدر فيه هذه الجريدة، وذلك بشهادة المنظمات الدولية التي تصدر هذه التقارير.... وأخيرا، زاوية على مسؤوليتي، التي كتبها المواطن المجروح في كبريائه والذي منعه مشاهدة علم البوليساريو بين أيدي المتفرجين في الملعب البرازيلي، من اعتبار الفرح الجزائري فرحه... وهي زاوية "تخلط العرارم" حين تلصق لقطة عرضية، هي ربما لمواطن صحراوي لا يمثل كل الجزائريين من جهة، أو كونه عملا مدروسا لجبهة البوليساريو، من اجل استغلال كل الفضاءات الممكنة لخدمة القضية التي يؤمنون بها، تلصقها إلى كافة الجزائر، وتسحبها على كل الجزائريين، لاغية بذلك كل إمكانية عقلية ومنطقية في وجود جزائريين يحبون المغرب ويتعاطفون مع قضاياه.... لا يمكن تحميل الجزائر جريرة النشاط الفائق عن الحد للبوليساريو، ولا الخمول المرضي الذي تعرفه دبلوماسيتنا.... كان الانتصار الكروي انتصارا جزائريا، خارج عقلية الأمة العربية الاسلامية، أو المغاربية الأمازيغية، وهو انتصار يستحقون عليه الفرح، ويستحقون أن نفرح معهم، للكثير من الاعتبارات التي تجمعنا وضد القليل مما يفسد منطق التعايش، وأمل الوحدة معهم....