عزبزتي سميرة، لم أفاجأ بتواجدك وسط المحتجات ضد بنكيران، بل غيابك كان هو الذي سيفاجئ الجميع، فعلى ما يقرب من السنتين ونصف، راكمت ملامح المرأة العدو رقم واحد للموظف العمومي بدرجة رئيس الوزراء، السيد عبدالإله بنكيران.... تساءلت فقط إن كنت قدمت عبر القطار أم في سيارتك الوظيفية الفارهة، وإن كنت قد ترجلت كل هذه المسافة كي تندسي وسط النساء وتصرخي بعربيتك المتفرنسة: بنكيغان يا حكير.... أفكر في كعب حذاءك العالي والغالي، ومدى القهر والصدمة الذي تعرض لهما وهو يسير بكل هذه المسافة فوق بلاط على جودته لكنه ليس بنعومة الممرات التي ألفها، بين فيلتك، وردهات القناة الثانية وأماكن أخرى.... لا نناقش مدى جدية هذا الاحتجاج، ونبارك رفقتك كل التأويلات والتفسيرات المبالغ فيها التي أعطيت لتصريحات عبدالإله بنكيران، ونكاد نصرخ معك: بنكيغان يا حقير، لولا أن مانع أخلاقي ينتصب بيني وبين هذا الهراء... نبارك كل هذا كي نمر لما هو أهم، وجودك في قلب احتجاج مجتمعي، ونزولك إلى وقفة أمام البرلمان.... لعل هذا ما شكل الحدث الفعلي، أن نكتشف فيك مناضلة شرسة من أجل كرامة المرأة وحقوقها، وبالضرورة كرامة المغاربة جميعهم وحقوقهم، وأعيب على كل الذين بادروا يوما ما إلى تنظيم وقفة أمام البرلمان، أو انطلاقا من ساحة الحمام في البيضاء، ولم يفكروا في دعوتك للانظمام إليهم... وجودك في قلب الاحتجاج كان هو الواقي ضد التدخل العنيف لقوات القمع، فبنكيران، على اعتبار أنه هو الذي يأمر وزير الداخلية بتعنيف المحتجين، لم يستطع ذلك... لأنه ببساطة سيعتبرون تدخله نوع من تصفية الحسابات مع شخصك، بالاضافة، أنه كمتخلف ينعت المرأة بالثرية، فهو أيضا يعتقد أنها مخلوق ضعيف، ولا يجب ضربه، خاصة وهن تحت أضواء الكاميرات... هم يفعلون ذلك في بيوتهم وحين ينعدم الشهود على إفعالهم.... وجودك أيضا سيمكن الاحتجاجات من تغطية تلفزيونية مهمة، إذ ستنقل القناة الثانية أخبارها، وتعقد من أجلها الندوات والبرامج الحوارية، وسيتم تصويرها عن قرب، حتى تبدو صورتها كبيرة وكثيفة، رغم أن أعدادها قليلة، مما سيرهب القائمين على شؤوننا، وسيتجيبون إلى مطالبنا... عزيزتي سميرة، وقضية الثريا مهمة كما سلف الذكر، لا بد من التذكير أن هناك قضايا هي بذات الأهمية أو أكثر قليلا، هناك نساء في المعامل تهضم حقوقهن، وهناك معتقلون سياسيون يقبعون في سجون هذا البلد، وتدبج بشأنهم تقارير دولية تدين اعتقالهم وتدين ممارسات الدولة ضدهم، وهناك صحفيون يتابعون في المحاكم على خلفية ممارستهم لمهنتهم، وهناك غلاء الأسعار التي تلهب جيوب المواطنين، كل هذه القضايا تقام بشأنها الاحتجاجات والوقفات والمسيرات، يتم قمع أغلبها، لأنه ببساطة لا تتواجدين فيها، ولا تصرخين رفقة المحتجين الآخرين: بنكيغان ياحكير، عاكت بيك الجماهير... ولا تصرخين رفقتنا، جوج بحوغة والعيشة محكوغة (جوج بحورة والعيشة محكورة)... عزيزتي سميرة، سأكون حالما ومتفائلا، وسأنتظر طلتك البهية في مناسبات احتجاجية قادمة، أمام المحكمة الابتدائية من أجل إطلاق سراح معاذ الحاقد يوم الثلاثاء المقبل، وأمام البرلمان من إجل الدفاع عن الحريات، ومن أحل مناهضة الغلاء وحمى الأسعار، ومن أجل المطالبة بانتخابات نزيهة، وبتنزيل ديمقراطي للدستور، وبملكية برلمانية....