في مقال تحليلي مطول في العدد الجديد لشهرية ‘لوموند دبلوماتيك' حول الربيع العربي، يعتبر الأمير هشام بن عبد الله ابن عم ملك المغرب محمد السادس أن ‘الربيع العربي لم يقل كلمته النهائية بعد' (عنوان المقال) بل يبحث عن مرحلة انتقالية أخرى بعدما أصبح ضحية الانقسامات الدينية والتدخلات الجيوسياسية، كما يجري في سوريا، لكن تونس تستمر في إعطاء النموذج. ويبقى الأساسي أن الشعوب العربية انتقلت من مستوى الرعية الى مفهوم المواطنة والدفاع عنها وهو ما سيمضن استمرار الربيع العربي. ويؤكد الأمير الملقب بالأحمر بسبب آرائه الجريئة في الدفاع عن الديمقراطية وحرية التعبير أن الربيع العربي شهد حتى الآن ثلاث مراحل، وهي مرحلة ‘الانفجار الكبير' سنة 2011′ عندما انتفضت الشعوب العربية مطالبة بالديمقراطية، والمرحلة الثانية سنة 2012 من خلال التراجع والانحسار القطري حيث تأقلمت الثورات مع الإرث التاريخي والسياسي لكل بلد على حدة، وتدخلت قوى خارجية في التأثير على المسار لنصل الى المرحلة الحالية. بينما المرحلة الثالثة وهي التي شهدها العالم العربي عام 2013 فقد تميزت بتدخل قوي للقوى الاقليمية والغربية وبروز الاستقطاب الشيعي- السني وانتقال هذا الاستقطاب الى وسط المجتمعات في الشرق الأوسط علاوة على المواجهة الدينية- العلمانية التي تطبع حياة الشعوب الآن. ويستشهد المقال بما يجري في سورياوالبحرين من استقطاب ديني ثم التدخل الغربي لدعم النظام العسكري الجديد في مصر، بينما تونس تبقى الاستثناء. لكن يبقى المشترك بين هذه الحالات الأربع هو أن العودة الى ممارسة القبضة الحديدة كما كان الشأن سابقا لم يعد ممكنا وإن كان ظرفيا. ويلقي الضوء على دور السعودية في الربيع العربي، مفسرا أن تدخلها لدعم الانقلاب في مصر ناتج عن التخوف التاريخي للوهابية من فكر الإخوان المسلمين، وكذلك من ديمقراطية فتية على حدودها الغربية. وحول مصر، لا يتردد في تصوير ما جرى بالانقلاب العسكري الذي ساعد في وقوعه التسيير السيىء للرئيس محمد مرسي وقراراته التي انعكست سلبا على الوضع العام للبلاد وسقوط حركة الإخوان في الطائفية وسعيها للانفراد التام بالسلطة دون مفهوم إشراك الآخرين حتى اصطدمت بالدولة العميقة. ويؤكد أنه لا يجب إغفال دور قوى المواطنة في مصر التي تطالب وستطالب من في السلطة بالحساب، فالقيادة العسكرية أقدمت على عزل مرسي باسم انتفاضة شعبية ديمقراطية ضده. وحول مستقبل الجيش، يؤكد أنه أمام اختيارين استعادة نموذج مبارك من خلال عسكري ‘السيسي' في رئاسة البلاد، أو اقتسام السلطة مع المدنيين على شاكلة باكستان حيث يوجد رئيس مدني ولكن الجيش له حق الفيتو في الملفات الهامة للبلاد. ويرى الأمير أن سنة 2014 تحمل معها الخطوط العريضة للربيع العربي؛ حيث ستستمر التدخلات المتعددة في الدول التي تشهد انتفاضات، مبرزا الدور المتزايد للأنظمة الملكية في الخليج من خلال تقديم مساعدات مالية لدول مثل مصر والأردن والمغرب تفوق المساعدات الغربية خاصة في حالة مصر . ومن ضمن هذه التدخلات ينتقد ما يجري في البحرين، إذ يعتبر أن الانتفاضة هناك شكلت فرصة للحوار، لكن أطرافا خارجية تدخلت لدعم النظام الملكي الذي أصبح وكأنه في غرفة العناية في حاجة للدعم الخارجي للبقاء. في الوقت ذاته، يسطر على غياب التعاقدات الحقيقية، التعاقد بين القوى المتعارضة بل والمتناحرة حول الحد الأدنى يميز مرحلة الانتقال، كما جرى في أمريكا اللاتينية في الماضي للانتقال الى الديمقراطية، لكن في الشرق الأوسط هيمن هاجس الانفراد بالسلطة أو اقتسامها دون أسس شرعية مؤسساتية. ويرى أن الربيع العربي سيعاني من فاعلين ثانويين ليس لديهم ما يخسرونه مثل السلفيين في تونس والليبراليين المزيفين في مصر. وتبقى النقطة المضيئة في الربيع العربي حتى الآن والتي ستضمن استمراره هو الإحساس الخاص الذي أصبح للشعوب العربية ‘الشعوب العربية لم تعد تشعر أنها رعايا، ولكنها قوى مواطنة تستحق الاحترام والكلمة، وعندما ستعود الانتفاضات وستكون مفاجئة وأكثر حدة وأكثر استمرارية'.