حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من تصاعد التطرف في مخيمات تندوف، داعيا إلى حل “عاجل” لقضية الصحراء خشية من تداعيات الحرب في مالي على المخيمات التي تمثل وفق المراقبين “قنبلة موقوتة”. وتأتي أقوال مون، الذي تفاجأ بالأوضاع المأساوية في تندوف، لتؤكد ما جاء في تقارير دولية مختلفة عن أن هذه المخيمات صارت فضاء خصبا للمجموعات المتشددة. وجاء في التقرير الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أن “تصاعد الفوضى والفلتان الأمني داخل الساحل يتطلب حلا عاجلا لهذا النزاع المستمر منذ زمن طويل”. ويقول مراقبون إن وضوح موقف مون بخصوص تسريع الحل في قضية الصحراء جاء مخالفا تماما لموقف موفده إلى الصحراء كريستوفر روس الذي اعتبر مراقبون أن تحركاته تتسم بالبطء، فضلا عن كونه أعاد الملف إلى المربع الصفر بدل أن يبني على ما وصلت إليه مجهودات سلفه بيتر فان فالسوم. ويقترح المغرب لحل المشكلة مشروعا للحكم الذاتي ببرلمان وحكومة محليين يبقيان تحت سيادته، فيما تسعى البوليساريو مدعومة بالجزائر إلى الحصول على “استفتاء لتقرير المصير”. وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن “جميع الحكومات التي تم التشاور معها” عند زيارة مبعوثه الشخصي٬ كريستوفر روس٬ للمنطقة عبرت عن “مخاوف جدية بشأن المخاطر الناجمة عن القتال الجاري في مالي على المنطقة ومساهمته في تطرف سكان مخيمات تندوف”. ويشير المراقبون إلى أن مخاوف مون من أن تكون للوضع في مالي تأثيرات على مخيمات تندوف جاءت اعتمادا على تقارير استخبارية تؤكد تورط أطراف من داخل المخيم في الحرب الجارية بمالي. وكانت تقارير إخبارية قد أشارت سابقا إلى انطلاق عشرات المسلحين التابعين ل”القاعدة” من هذه المخيمات والتحاقهم بالمجموعات المتشددة شمال مالي، أياما قُبيل بدء الهجوم الفرنسي المالي المشترك. وفي سياق متصل، كشفت مصادر مالية مطّلعة على ما يجري في ساحة المعارك عن إلقاء القبض على جهاديين اعترفوا بأنهم من تندوف ويشاركون في القتال إلى جانب متشددي حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، وأنهم تدربوا على أيدي عناصر من البوليساريو قبل التحاقهم بمالي. وجاء في اعترافات هذه العناصر أن عدد “الجهاديين” القادمين من تندوف هم الكتلة الأكبر ضمن المجموعات الأجنبية التي حلت بمالي خلال الأشهر الأربعة التي سبقت التدخل الفرنسي. وأكدت المصادر المالية أن هؤلاء المقاتلين ذوو خبرة، ولهم دراية بمسالك المنطقة، ما يعني أنهم مقاتلون محترفون ومدربون تدريبا جيدا على يد عناصر من البوليساريو تولت المخابرات الجزائرية تدريبهم هم أيضا قبل ذلك. وكانت دراسة أعدها مرصد “إيكويليبري” الإيطالي للدراسات الجيوستراتيجية قد كشفت أن مخيمات تندوف أصبحت مفتوحة أمام تطرف “القاعدة” بالمغرب الإسلامي. وأبرزت أن انسداد الآفاق أمام السكان الذين يبدون في وضع الرهائن، وكذا الفقر المدقع، جعلا هذه المخيمات قابلة لاحتضان التنظيمات السلفية، وتسرب منظمات إرهابية مثل “القاعدة” بالمغرب الإسلامي. وأوضحت الدراسة أن الاتصالات الأولى بين الصحراويين والأيديولوجيا المتطرفة تعود إلى الثمانينات عند احتكاك الشباب الصحراوي القادم من تندوف بالحركة الإسلامية داخل الجامعات الجزائرية، مشيرة إلى أن هذا الاحتكاك تطور في ما بعد إلى روابط مع التنظيمات المسلحة. وسجلت الدراسة أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في هذه المخيمات دفعت العديد من الصحراويين إلى تعاطي أنشطة غير قانونية مثل الهجرة السرية وتهريب المخدرات، خاصة في ظل تخلي الجزائر عن دورها في رعاية سكان المخيمات واكتفائها بالإنفاق على المسلحين. إلى ذلك، كشف تقرير أميركي صدر مؤخرا عن أن تنظيم “القاعدة” ببلاد المغرب الإسلامي اخترق مخيمات تندوف على نطاق واسع. وأبرز مركز الدراسات الحديثة ومقره بمحافظة فيرجينيا في تقريره لشهر كانون الأول الماضي ويحمل عنوان “التحديات الأمنية في منطقة الساحل” أنه “توجد دلائل على اختراق “القاعدة” لمخيمات تندوف”. ورصد التقرير ارتفاع الأصوات في واشنطن داعية إلى إغلاق هذه المخيمات التي “أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب”. ويقول محللون سياسيون إن هذا يزيد من الضغط على الجزائر التي تعلن من جهة انخراطها في الحرب على الإرهاب، ومن جهة ثانية تدرّب وتمول عناصر يكتشف العالم أنها طرف رئيسي في المجموعات التي تمارس الإرهاب.