أعاد الهجوم، الذي قادته "كتيبة الملثّمين" التابعة ل"القاعدة" على منشأة عين أميناس الغازية الجزائرية، إلى الأضواء ملف التنظيمات المتشددة وعلاقتها بالمخابرات الجزائرية خاصة في مخيمات تندوف التي يعسكر بها أتباع جبهة البوليساريو.
وقد كشف خبراء في مكافحة الإرهاب عن أن المجموعات المتشددة الجزائرية استفادت بشكل كبير من التدريب الذي أشرفت عليه المخابرات الجزائرية لفائدة مئات من عناصر البوليساريو في مخيمات تندوف، وأن مختار بلمختار، المكنى بخالد أبو العباس، المرتبط ب"القاعدة" والذي وجه عملية احتجاز الرهائن، كانت له صلات قوية بمجموعات مسلحة في مخيمات تندوف.
وكانت تقارير إخبارية قد أشارت إلى انطلاق عشرات المسلحين التابعين ل"القاعدة" من هذه المخيمات والتحاقهم بالمجموعات المتشددة شمال مالي، أياما قُبيل بدء الهجوم الفرنسي المالي.
يشار إلى أن عبد المالك درودكال زعيم تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي سبق أن كشف رهانه على تجنيد عناصر من مخيمات تندوف بغية تفادي الخسائر في صفوف التنظيم وزيادة عدد منتسبيه، وكذلك تأمين مقاتلين ذوي خبرة، ولهم دراية بمسالك المنطقة، في إشارة إلى عناصر البوليساريو المدربة تدريبا جيدا على يد المخابرات الجزائرية.
وكانت دراسة أعدها مرصد "إيكويليبري" الإيطالي للدراسات الجيوستراتيجية قد كشفت أن مخيمات تندوف أصبحت مفتوحة أمام تطرف "القاعدة" بالمغرب الإسلامي.
وأبرزت أن انسداد الآفاق أمام السكان الذين يبدون في وضع الرهائن، وكذا الفقر المدقع، جعلا هذه المخيمات قابلة لاحتضان التنظيمات السلفية، وتسرب منظمات إرهابية مثل "القاعدة" بالمغرب الإسلامي.
وأوضحت الدراسة أن الاتصالات الأولى بين الصحراويين والإيديولوجيا المتطرفة تعود إلى نهاية الثمانينات عند احتكاك الشباب الصحراوي القادم من تندوف بالحركة الإسلامية داخل الجامعات الجزائرية، مشيرة إلى أن هذا الاحتكاك تطور في ما بعد إلى روابط ملموسة مع بعض التنظيمات المسلحة.
وسجلت الدراسة أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في هذه المخيمات دفعت العديد من الصحراويين إلى تعاطي أنشطة غير قانونية مثل الهجرة السرية وتهريب المخدرات، خاصة في ظل تخلي الجزائر عن دورها في رعاية سكان المخيمات واكتفائها بالإنفاق على المسلحين.
إلى ذلك، كشف تقرير أمريكي صدر مؤخرا عن أن تنظيم "القاعدة" ببلاد المغرب الإسلامي اخترق مخيمات تندوف على نطاق واسع، وأن ذلك يمثل "تهديدا مباشرا" للأمن ببلدان المغرب العربي والساحل.
وأبرز مركز الدراسات الحديثة ومقره بمحافظة فيرجينيا في تقريره لشهر ديسمبر 2012 ويحمل عنوان "التحديات الأمنية في ليبيا ومنطقة الساحل" أنه "توجد دلائل على اختراق "القاعدة" لمخيمات تندوف".
وكشف التقرير ارتفاع الأصوات في واشنطن داعية إلى "إغلاق" هذه المخيمات التي "أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب".
ولم يستبعد مراقبون جزائريون قيام "القاعدة" أو مجموعات مقربة منها بعمليات أخرى تستهدف الأجانب، أو مراكز سيادية جزائرية، ولفتوا النظر إلى مخاوف السلطات من تحول الهجوم الفرنسي الخاطف إلى حرب طويلة الأمد على الحدود الجزائرية الجنوبية.