تدفع الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو آلاف الشباب الأوروبيين للبحث عن عمل وفرص أفضل في المغرب، بعدما تراجعت الفرص في بلدانهم وفي القارة حيث تجاوزت نسب البطالة معدلات قياسية وصلت إلى 25 في المئة في إسبانيا التي نزح منها حوالى 10 آلاف عاطل من العمل باتجاه شمال المغرب. وأفادت مصادر في «الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات» (أنابيك) بأن طلب الأجانب على العمل في المغرب زاد 89 في المئة العام الماضي، لافتة إلى أن الوكالة سلّمت حوالى 3700 رخصة عمل في مجالات مثل قيادة الطائرات والهندسة والسياحة والاتصالات والتجارة والصناعة وغيرها، لأشخاص من دول الاتحاد الأوروبي. ويسمح القانون المغربي لعدد من الجنسيات بينها بعض مواطني دول الاتحاد الأوروبي بالعمل من دون حاجة إلى رخص، كما يعمل في المغرب نازحون من دول عربية طاولتها تداعيات الربيع العربي خصوصاً تونس وسورية. لكن الطلب لا يقتصر على الكفاءات التي وجدت في بعض مدن المغرب بدائل مجزية، بل يشمل الحرفيين الصغار والعمال الأقل تعليماً. ولفتت المصادر إلى أن مئات الإسبان باتوا يعملون في قطاع البناء في مدن شمال المغرب، وأن آخرين امتهنوا التجارة أو الصناعات اليدوية أو يعملون باعة متجولين. وأشارت الوكالة إلى أن بعض الشركات الإسبانية استقدم عمالاً وتقنيين من إسبانيا والبرتغال لكن غالبيتهم جاءت بمحض إرادتها طلباً لفرص عمل أفضل لدى الشركات المحلية. وتعتقد الوكالة أن النمو الاقتصادي السريع الذي شهده المغرب في السنوات العشرين الأخيرة وتدفق الاستثمارات الأجنبية، شجعا عاطلين من العمل على الانتقال من أوروبا إلى المغرب حيث الطلب على بعض المهن والتخصصات لا يزال مرتفعاً. ويقدر معدل البطالة بحوالى 10 في المئة في الفئة الناشطة ويتجاوز 12 في المئة في منطقة اليورو. ويرغب المغربيون الجامعيون العاطلون من العمل في دخول الإدارات الحكومية، ما يجعل القطاع الخاص يستعين بكفاءات خارجية، ولا تعارض الجهات الحكومية تشغيل الأجانب وفق المعايير المعتمدة وتعتقد أن تبادل التجارب والخبرات مفيد للاقتصاد المحلي. وكان عشرات آلاف المهاجرين المغربيين عادوا إلى بلدهم من المهجر خلال السنوات الخمس الأخيرة خصوصاً من إسبانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا، ونتيجة ذلك تراجعت تحويلات المغتربين أربعة في المئة وأثرت سلباً في رصيد احتياط العملات الصعبة، كما تقلّص دخل العائلات المعتمدة على معيليها الموجودين في الخارج. وتميل الجهات الرسمية المغربية إلى غض الطرف عن تدفق المهاجرين من أوروبا وأفريقيا في هذه المرحلة من الأزمة الاقتصادية العالمية، وتدعو إلى تعاون إقليمي لمواجهة بطالة الشباب، ما يساعد في تحسين الأوضاع الاجتماعية للفئات الهشة ويُعمق ثقافة حوار الحضارات. في سياق آخر، بدأ ملك المغرب محمد السادس زيارة رسمية إلى عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء تشمل السنغال والغابون وساحل العاج، في أول جولة أفريقية له منذ سنوات. وترغب الرباط في تعميق الروابط الاقتصادية والسياسية والأمنية مع هذه الدول حيث تملك استثمارات كبيرة، وتسعى إلى تعزيز محور التعاون لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية وتراجع الطلب في دول الشمال.