أثنار رجل إذا ما حدث و صرح فهو في الغالب يحيد عن اللياقة الواجبة في الكلام أو ما يسميه الإسبان "الصحيح سياسيا". فبعد أن ترك هذا السياسي الرصين رئاسة الحكومة، تحول إلى مشاغب ذي سمعة دولية. أمس في جامعة أفييدوا في محاضرة له عن الإقتصاد الإسباني، وصف رئيس الحكومة الإسباني الحالي خوسي لويس رودريغث ثاباطيروا بأنه "مدمن حرائق"، و أنه لايملك سلطة أخلاقية بعد أن ألقى بالبلاد في وهدة الإفلاس. و أضاف بأن ثاباطيروا " لم يمتلك و لايمتلك اليوم خصائص رئيس حكومة"، بل هو "رئيس مشعلي الحرائق و لا يمكنه التحول إلى كابتن لرجال الإطفاء". لكن بيت القصيد، و ماحول أثنار إلى موضوع حديث إسبانيا اليوم، هي الصورة المخزية التي خرج بها على الناس في وسائل الإعلام المقروءة و المرئية، و هو يرفع أصبعه الوسطى إلى السماء، مشيرا بحركة مخجلة إلى بضع طلاب كانوا يمارسون باندفاع الشباب حماسهم السياسي، مبدين احتجاجهم على الندوة وعلى تحالف أثنار في ولايته الثانية مع الرئيس الأمريكي الأسبق بوش في حربه على العراق. فما كان من الرئيس الشرفي للحزب الشعبي، و مدير مؤسسته للتحليل والأبحاث الإجتماعية، إلا أن أشار إليهم بالحركة المخزية معلقا "البعض يصر أن يظهر لي أنه لا يستطيع العيش بدوني"، معبرا هكذا عن مكنون نفسه و عما يعتلج في صدره. يذكر أن رئيس الحكومة الأسبق، كان قد أثار زوبعة إعلامية و سياسية أخرى في أوائل هذا الشهر، عندما ألقى محاضرة في إسرائيل دعى خلالها إلى تشكيل تحالف يهودي مسيحي ضد الإسلام. مؤكدا أن إسرائيل جزء لا ينفصل عن العالم الغربي، و من ثم ينبغي الدفاع عنها، و هي في تصوره رأس الحربة في الدفاع عن القيم الغربية. و صرح بأن " تقويض مركز إسرائيل هو إضعاف لوضعيتنا نحن". مؤكدا هكذا قناعاته المعادية للعرب و المسلمين، و التي أعرب عنها مرارا، مثل تصريحه في ندوة بالأوروغواي:" إذا كانت الولايات المتحد حتى وقت قريب كانت تعتبر أملنا الكبير في الدفاع عن الغرب، بدون شك، فإن إسرائيل هي اليوم أملنا الأخير". ما ينبغي استحضاره في هذا المقام هو أن أثنار عدل بعمق الموقف اليميني التقليدي في إسبانيا إزاء إسرائيل، حيث كان هذا الأخير قد وقف دوما إلى جانب القضايا العربية، و تكفي الإشارة إلى أن إسبانيا لم تعترف بإسرائيل و تقم معها علاقات دبلوماسية إلا في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن أثنار سيقلب لنا ظهر المجن، ولاأكثر هنا من قصة جزيرة "البرخيل"، بعد أن حل بضع دركيين مغاربة، بصخرة جرداء، محايدة الإنتماء، لصيقة بالسواحل المغربية. لكن ما قد يكون طبع مواقفه بعمق هي أحداث أطوتشا الأليمة، التي حولت ما كان سيكون خروجا ظافرا لأثنار من المنكلوا إلى كارثة مهولة، لكن الرجل لم يميز بين الإسلام و الإرهاب و جعل الأمرين في كيس واحد. و إذا كان أثنار من اليمين المحافظ الذي يؤمن بالأصول، ألقابها و أمجادها. فإن خروجه غير الظافر من المنكلوا سيكون ذكره بحادث مؤسف آخر وهو الخروج غير الظافر للعقيد أثنار رئيس الحكومة الذي سقطت على أيامه الملكية الإسبانية وأقام اليسار الجمهورية و الديمقراطية سنة 1931.