حل أمس مسؤولو الهجرة في الجهات المستقلة بمدريد وهم مستاؤون من التقليص المعلن للميزانية التي ستخصصها الحكومة المركزية لاستقبال و إدماج الهجرة، لكن مفاجأتهم كانت كبيرة لما أعلنت عليهم كاتبة الدولة في الهجرة أنا تيرون أن التقليص في الميزانية المخصصة لشؤون الهجرة، سيتجاوز نسبة 50 بالمائة التي كانوا يظنون إلى 65 بالمائة، لتستطيع الحكومة الوفاء بالتزاماتها التقشفية، والتي يمكن أن تدخل في باب "أنجز حر ما وعد"، و إن كان على طريقة "أسد علي وعلى غيري نعامة". وبهذا الشكل ستمر المخصصات لقطاع الهجرة في الجهات والجهات من200 مليون يورو إلى 70 مليون يورو. وقد أعربت كل الجهات بدون إستثناء حتى التي يحكمها الحزب الإشتراكي رفضها لقرار الحكومة المركزية، وطالبوا وزير الشغل والهجرة بتوجيه ميزانية كاملة إلى الجهات. وقد انتقدت مسؤولة الهجرة بحكومة مدريد القرار وذكرت بالوعد الذي قطعه ثاباطيرو على نفسه بعدم المساس بالموارد المخصصة للدعم الاجتماعي، وأكدت بأن الإقتطاع في ميزانية الهجرة "لامعنى له في وقت تعصف فيه الأزمة بالمهاجرين بصفة خاصة". فيما أكدت مسؤولة العمل الإجتماعي بالحكومة الكطلانية كارمي كابدبيلا بأن التقليص غير مقبول نهائيا وستكون له عواقب مباشرة وخيمة على التعليم وعلى إدماج المهاجرين. وذكرت بأنه في 23 من دجنبر الماضي صادق البرلمان على إقتراح يقضي بعدم المساس بحصص الميزانية العامة للبلاد. وأمام الرفض القاطع للجهات المستقلة ردت كاتبة الدولة في الهجرة بأنها "ستسجل الطلب وهو كل ما تستطيع فعله في هذه اللحظة". يذكر أن الحكومة حاولت السنة الماضية إلغاء مساعدات موجهة إلى المهاجرين تم إحداثها عام 2005، لكن أمام إحتجاجات المسؤولين الجهويين و الفاعلين في القطاع اضطرت إلى سحبها. لكن هنا يحتار المرء، و لا يكاد يفهم هذا التهديد الدائم لمخصصات دعم الطرف الأضعف إجتماعيا من طرف حكومة تدعي قداسة السياسة الإجتماعية. خاصة وأنه قد بات من "المعلوم ضرورة" أن السلم الإجتماعي يتطلب درجة من التجانس تطلب تنفيذ سياسات "تمييز إيجابي" لصالح المهاجرين، تفرضها من جهة أخرى، عدم التجذر الإجتماعي للمهاجرين ثم ضعف شبكات التضامن التي تنشأ بينهم و هو ما يجعلهم الحلقة الإجتماعية الأضعف وبالتالي تتطلب توجيه عناية أكبر. "التمييز إيجابي" تقتضيه الاعتبارات إنسانية، لكن أساسا تتطلبه المصلحة الآنية للدولة الإسبانية في الأمن و النظام العام والإنسجام الإجتماعي. لكن كل "هاذ لقراية" ألقى بها الحزب الإشتراكي جانبا لأغراض انتخابية، فضحى بالطرف الضعيف الذي لن يزعجه في الصناديق، إذ تمثيله السياسي والإجتماعي ضعيف طلبا لود الناخب القوي، وهذا تسييس آخر للهجرة في معمعة الانتخابات.