سلط الخبير البرازيلي في العلاقات الدولية، ألتير دي سوزا مايا، الضوء على آخر التطورات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية، مؤكدا أن المناورات العقيمة ل +البوليساريو+ ترمي إلى تقويض جهود المغرب الجادة لإيجاد تسوية سياسية للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة. ويرى دي سوزا مايا، الذي أبرز النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب بخصوص وحدته الترابية، في "البوليساريو" أداة في يد صانعها النظام الجزائري المهووس بالهيمنة في المنطقة. ويتوقف الأستاذ السابق في الجامعة الكاثوليكية ببرازيليا، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أيضا عند افتتاح العديد من الدول لقنصليات عامة في الداخلةوالعيون، فضلا عن السعار الذي أصاب خصوم الوحدة الترابية للمغرب بسبب القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي. 1 – بعد أن التزم طيلة ثلاثة أسابيع بأقصى درجات ضبط النفس، قرر المغرب التحرك لوضع حد لعرقلة معبر الكركرات الحدودي وإعادة حركة المرور المدنية والتجارية، ما هي قراءتكم لهذا العملية؟ يهدف التحرك المشروع للقوات المسلحة الملكية، الذي تم لوضع حد لأعمال العصابات والإرهاب الذي تغذيه +البوليساريو+ في المنطقة، إلى الحفاظ على السلم ودينامية التنمية والتكامل في جميع أنحاء المنطقة. إن مناورات +البوليساريو+ واستفزازاتها تأتي في أعقاب الدعم الدولي المتنامي لموقف المغرب وجهوده لإيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة، وهو ما يثير حنق المجموعة المسلحة وصانعتها الجزائر. فالانفصاليون انخرطوا في أعمال إرهابية كوسيلة للحفاظ على وضع عدواني بهدف عرقلة الجهود الجادة التي يبذلها المغرب، الذي حقق العديد من النجاحات الدبلوماسية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. إن معبر الكركرات حيوي ليس للمغرب وموريتانيا فحسب، بل أيضا لجميع بلدان غرب إفريقيا والساحل، والمملكة تدخلت بعد أن تجاهلت +البوليساريو+ جميع الدعوات، بما في ذلك دعوات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لوضع حد لعرقلة حركة المرور والكف عن مضايقة أفراد "المينورسو". 2- تصرف المغرب بحكمة أمام استفزازات ومناورات "البوليساريو". كيف ترون تطور الأحداث؟ إن توظيف الجزائر لجبهة "البوليساريو" لخدمة مخططاتها القائمة على هوس بسط الهيمنة بالمنطقة ليس جديدا، إذ أنه يندرج في إطار مسلسل طويل من المناورات تهدف في كل مرة إلى تغذية انعدام الأمن وتأجيج الصراع وتهديد السلم. ففي الوقت الذي يواصل فيه مخطط الحكم الذاتي حصد دعم المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باعتباره حلا يخدم المنطقة برمتها، تختار "البوليساريو" تعطيل معبر تجاري يساهم في تعزيز التكامل والتنمية في إفريقيا. إن هذه الانتهاكات والإجراءات ترمي إلى تقويض الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي قائم على الحوار كما تدعو إلى ذلك المملكة. إن الأمر يتعلق بأكثر من إعلان حرب وأعتبره فعلا قريبا من الأنشطة الإرهابية. 3 – افتتحت العديد من البلدان مؤخرا قنصليات عامة لها في العيونوالداخلة ما يؤكد دعما واضحا لمغربية الصحراء ولمبادرة الحكم الذاتي. كيف تقيمون أهمية هذه الدينامية الدبلوماسية؟ أرى أن افتتاح تمثيليات دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية دليل لا جدال فيه على دعم المجتمع الدولي لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، وهذا يدل على أن المجتمع الدولي يؤمن بقدرة المملكة على حل هذا النزاع المصطنع من خلال الحوار، كما أكد ذلك مجلس الأمن الدولي. كما أن هذه الدينامية الدبلوماسية تعزز سياسة المغرب المتعلقة بتنمية الأقاليم الجنوبية وتعزيز حماية حقوق الإنسان، فضلا عن ترسيخ الديمقراطية. 4 – ماذا يمكننا أن نستنتج من تأكيد مجلس الأمن الدولي على سمو مبادرة الحكم الذاتي وتورط الجزائر في هذا النزاع الإقليمي؟ يجب في البداية أن نشير إلى تنامي دعم المجتمع الدولي لجهود المغرب ورفضه للانفصال، ثم إن الوضع في المنطقة مقلق بسبب الانتهاكات الصارخة في المنطقة العازلة وانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، والتي تعاني من نقص في الأدوية والماء والغذاء. والمسيرة الخضراء، التي احتفل المغرب مؤخرا بذكراها ال 45، هي أحد المظاهر الواضحة لهذا التلاحم بين ساكنة الصحراء المغربية والعرش، وهو تلاحم يقره المجتمع الدولي، ومن ثم دعمه لمخطط الحكم الذاتي. كما أن الدينامية المتواصلة على المستوى المتعدد الأطراف هي أيضا عامل رئيسي ومقاربة اكتسبت زخما قويا، لا سيما من خلال عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي والجهود الكبيرة للمملكة في تيسير الحوار الليبي. 5 – جدد جلالة الملك في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء الالتزام بجعل الأقاليم الجنوبية محركا للتنمية الإقليمية والقارية. كيف ترون مستقبل هذه الأقاليم في ظل المشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب بهذا الجزء من المملكة؟ لقد استطاع المغرب ترسيخ نموذجه الاقتصادي في الأقاليم الجنوبية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهذا التقدم الاقتصادي يُنظر إليه بإعجاب سواء داخل المملكة أو خارجها. فالبنى التحتية، على سبيل المثال، ضرورية لتعزيز الاقتصاد والتبادل التجاري الوطني والدولي، وبالتالي تحسين ظروف عيش المواطنين بالأقاليم الجنوبية للمملكة. وأبعد من ذلك، فإن التنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية كفيلة بتعزيز التكامل الإفريقي بشكل أفضل. فميناء الداخلة، على سبيل المثال، يمكن أن يصبح محركا للتنمية والتجارة ليس على مستوى ساحل غرب إفريقيا فحسب، بل أيضا على مستوى المحيط الأطلسي نظرا لقربه من شمال شرق البرازيل في هذه الحالة.