دعا الباحثون والمفكرون المشاركون بفعاليات مؤتمر "لقاء عالمين بحثا عن تكامل الثقافتين الإسبانية والعربية الإسلامية"، إلى دخول العرب والإسبان فى نقاش فكري حول الأندلس، مؤكدين على أن العالم اليوم فى ظل بؤسه وصراعاته بحاجة إلى التجربة الأندلسية فى التعايش الإيجابي بين المختلفين فى اللغة والعقيدة والثقافة. وقال عمدة قرطبة أندريس أوكانيا رابادان، إن "العالم بحاجة إلى تجربة الأندلس وخاصة تجربة قرطبة التي أقيمت على أسس التسامح والتفاهم بين الثقافات والمعتقدات، وهو مفهوم غير قابل للذوبان، ويمثل الدعامة الحقيقية للتعايش بين الشعوب، من منطلق التعدد والاختلاف بوصفها عناصر ثراء لبناء آفاق التفاهم". وأكد عمدة قرطبة أن بلاده تريد أن تكون طرفا للحوار مع الجانب الإسلامي لتحقيق مزيد من التفاهم واستعادة التجربة الأندلسية الرائعة فى التعايش مع الاختلافات. أما وزير الخارجية الإسباني ميغل أنخل موراتينوس والذي أكد فى كلمته التى وجهها إلى المؤتمر وألقاها نيابة عنه مساعده السفير رافير دى لابنيا، فأكد على عزم بلاده على الاستمرار فى التعاون والحوار مع العالم الإسلامي على أرضية من التفاهم والاحترام تحقيقا للتعايش والتعاون البناء. كما أشار إلى ضرورة تحديث دور التجمعات الإسلامية فى الغرب وفى إسبانيا وفى دول أمريكا اللاتينية، موضحا لا بد من تحديث دور التجمعات الإسلامية خاصة فى أمريكا اللاتينية ونحن نرحب بإسهامات هذه التجمعات فى هذه الدول. وانتقد موراتينوس غياب اهتمام الإعلام العربي بدول أمريكا اللاتينية، وقال "على الرغم من وجود 18 مليون شخص من أصول عربية فى أمريكا اللاتينية فإننا نجد غيابا لأمريكا اللاتينية فى وسائل الإعلام العربية، مشيرا إلى أن بلاده تتطلع للتقارب مع العالم الإسلامي والعربي ودول أمريكا اللاتينية وتتطلع لحوار الثقافات من أجل السلام. ودعا موراتينوس إلى إبعاد إيديولوجيات الكراهية فى العلاقة بين الشعوب، والثقافات، معتبرا أن هناك قضايا مشتركة يجب التعاون بشأنها مثل التنمية المستدامة ومكافحة الفقر وحماية البيئة. من جانبه شدد وكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية والعدل بدولة الكويت الدكتور عادل الفلاح، على أهمية العمل من أجل بناء التكامل والتعاون الثقافي مع إسبانيا استنادا إلى التاريخ المشترك. وقال "نحن فى عالمنا الإسلامي ننفتح على العالم، انطلاقا من وسطية الإسلام التى تقوم على الحوار والانفتاح على الآخر، وتقبله واحترامه والتعايش السلمي معه على أساس من العدل والإحسان". وأعرب الفلاح عن استعداد بلاده للشراكة والتعاون إلى أبعد الحدود من أجل دعم التعاون والحوار بين العالم الإسلامي وإسبانيا لتحقيق مبادرة تحالف الحضارات. من جانبه أكد الأمين العالم للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، ومدير مكتب الثقافة والدعوة الإسلامية بالأرجنتين، منظم المؤتمر بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت، ووزارة الخارجية الإسبانية، المهندس محمد يوسف هاجر على أهمية مواصلة البحث والنقاش الفكري بين مختلف الثقافات والحضارات من أجل بناء عالم أفضل. وقال "يجمع المؤتمر نخبة من العلماء والباحثين والمفكرين والدعاة ومسؤولي التجمعات الإسلامية فى دول أمريكا اللاتينية ونخبة من المسلمين ذوي الأصول العربية في أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي، إضافة إلى سياسيين وأكاديميين ومعماريين، لبحث عدد من القضايا الهامة مثل "الإسلام ما بعد الاستحداث الغربي"، وتقييم الآليات الاجتماعية الثقافية والاقتصادية"، و"الأزمة الاقتصادية الحالية والنظام المالي الإسلامي، و"تواجد وذكرى من الأندلس"، و"قضايا الحوار بين الثقافات والحضارات والتعايش بين الشعوب والاحترام المتبادل للأديان والمقدسات. كما يناقش المؤتمر أيضا قضايا محورية تتعلق ب"اندماج ومساهمة الجالية العربية والإسلامية في مسيرة التنمية بأمريكا اللاتينية والكاريبي، و"ذهاب وإياب ابن رشد من وإلى قرطبة"، من وجهات النظر الإسبانية العربية الحديثة"، و"الصفات العربية عند الجاوتشو"، و"العالم الحديث وعلم اللاهوت السياسي"، و"التواجد العربي الإسلامي" في أعمال الكاتب خورخي لويس بورخيس، و"إعادة كتابة مشقة النفي"، و"قرطبة الأندلس الجديدة"، وكلها موضوعات وقضايا تمثل ركنا أساسيا في مشروعات الحوار والتعايش.