من رُفوف النسيان فتح المخرج المغربي عز العرب العلوي جروح مرحلة سنوات الرصاص، ليترك بصمة بارزة في السينما العربية من خلال فيلمه السينمائي “كليكس.. دوار البوم”. رؤية عميقة ومتوازنة أقنعت لجنة تحكيم مهرجان “وهران الدولي للفيلم العربي” في دورته الحادية عشرة، ليحصد الفيلم جائزة أفضل إخراج واكبته الصحافة الجزائرية عن قرب، وقالت عنه: “المخرج خلط حسابات المخرجين، ورفع سقف التحدي عاليا على مستوى جرأة الموضوع والتقنية والإبهار البصري، وفتح جروح مرحلة “سنوات الرصاص” بالمغرب ثم ضمدتها برؤية عميقة ومتوازنة”. جدل فنّي نقدي وآخر سياسي أثاره الفيلم، الذي تنافس على جائزة المهرجان، إذ اقتضى الاختيار الفني للمخرج قتل الواقعية في الفيلم بتفادي تعيين موطن جغرافي للأحداث وتغييب الاسم المعروف للسجن، وأطلق على القرية “دوار البوم”، كناية عن لعنة جماعية تلف ساكنة منسية معزولة تفاقمت مأساتها مع إعلاء سور السجن بمحاذاتها، ما جعل حياتها تمر في التناوب على حراسة سجن يربطه بالدوار جسر معلق في الهواء. ومن ضمن السكان البطل “سعيد”، وهو رجل بسيط، لم ينل حظه من الدراسة، يقضي حياته في التناوب مع حراس السجن الآخرين على بوابة المعتقل. يحب سعيد، الذي يساعده فقيه الدوار على دفن الموتى، عمله بحماس ويدافع عنه ويؤكد على وطنيته بحراسة من يعتقد أنهم يشكلون خطرا على أمن الوطن، ليدرك في الأخير أن “دوار البوم” ما هو في حقيقة الأمر إلا سجن كبير يحتجز الجميع حراسا ومعتقلين. ووصفت الصحافة الجزائرية فيلم العلوي، الذي حظي بدعم المركز السينمائي والمغربي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ب”التحفة البصرية” التّي كسرت جدار الصمت عن موضوع مغربي حساس، ونبشت في الماضي دون تعميق الجرح، مع التسلح بالرمزية لتصوير تداعيات العنف. مخرج الفيلم السينمائي عز العرب العلوي قال عن تتويج فيلمه: “إحساسي في غاية الروعة..اجتهدت في هذا الفيلم لمدة سنوات، وكان الهدف صناعة فيلم يقدم إضافة نوعية للسينما المغربية، والحمد لله أنّي استطعت التوفق في ذلك”. وعلق العلوي على دعم الدولة المغربية للفيلم قائلا: “هذا الدعم الذي حظي به الفيلم من طرف المركز السينمائي المغربي، وإشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دليل على جرأة الدولة في تعاطيها ملف حقوق الإنسان، ونيتها الحقيقية طي صفحة الانتهاكات”.