خلال آخر نهاية أسبوع من شهر رمضان تمكن حوالي 60 مهاجرا سريا ينحدرون من دول جنوب الصحراء الكبرى من الوصول إلى مدينة مليلية بعدما قامت مجموعة تضم نحو 450 مهاجرا بمحاولة الدخول بالقوة إلى الثغر. على غير عادتها لم تهاجم الحكومة الإسبانية نظيرتها المغربية بل أشادت بتعاونها الكبير في مجال مكافحة الهجرة السرية. ما السر في هذا التغيير في موقف حكومة راخوي؟. سنحاول الإجابة على هذا السؤال في هذا العدد من النسخة الورقية من أندلس برس. خلال آخر نهاية أسبوع من شهر رمضان تمكن حوالي 60 مهاجرا سريا ينحدرون من دول جنوب الصحراء الكبرى من الوصول إلى مدينة مليلية بعدما قامت مجموعة تضم نحو 450 مهاجرا بمحاولة الدخول بالقوة إلى الثغر، الذي يخضع للسيطرة الإسبانية ويطالب المغرب باسترجاع السيادة عليه. على غير عادتها لم تهاجم الحكومة الإسبانية نظيرتها المغربية بل أشادت بتعاونها الكبير في مجال مكافحة الهجرة السرية. ما السر في هذا التغيير في موقف حكومة راخوي؟. فهذه أول مرة تحاول فيها مجموعة كبيرة من المهاجرين الأفارقة الدخول بالقوة إلى المدينة عبر السور المحيط بها منذ عام 2005، عندما حاول آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء القفز عبر السور، مما دفع بالسلطات الإسبانية برفع السور ثلاثة أمتار ليصل إلى ستة أمتار وإنشاء منطقة عازلة مشكلة من الكابلات المتشابكة. هذا وقد وقعت المحاولة الأولى حوالي الساعة السابعة بتوقيت المغرب عندما كان حرس الحدود المغاربة يستعدون للإفطار. وقد شارك نحو 300 مهاجر سري في هذه الهجمة وتمكن ستون منهم الدخول إلى المدينة بالرغم من تدخل قوات الحرس المدني الإسباني وقوات الأمن المغربية التي لم تكن مستعدة أمام عنصر المفاجئة.. ووفقا لمصادر من القيادة العامة للحرس المدني الإسباني، فقد قامت هذه المجموعة بالدخول عبر ثلاث نقاط مختلفة لتشتيت جهود قوات الأمن الإسبانية وحرس الحدود المغاربة الذين كانوا منهكين بعد يوم من الصيام. وبعد نجاح هذه المحاولة قامت مجموعة أهرى تتكون من 150 مهاجرا بإعادة الكرة لكنها قوات الأمن المغربية والإسبانية حالت دون دخول أي مهاجر إلى المدينة. حكومة ماريانو راخوي المنشغلة بحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد وبالسيطرة على الوضع الاجتماعي القابل للانفجار في أية لحظة لم تقم بمعتابة المغرب على هذا "التقصير". بل على العكس من ذلك أشادت، على لسان رئيس حكومة مليلية المنتمي للحزب الشعبي الحاكم، بالتعاون الكبير وغير المسبوق للسلطات المغربية في مجال مكافحة الهجرة السرية. أكثر من ذلك.. فبقدرة قادر مرت زيارة وفد حقوقي أمريكي إلى الصحراء مر الكرام في الصحافة الإسبانية المعروفة بتتبعها لكل صغيرة وكبيرة وبتضخيمها لكل الأحداث التي تخص النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية. وفد أمني مغربي رفيع المستوى يطير إلى مدريد أسبوعا فقط بعد هذا الحادث أجرى المدير العام للأمن الوطني، بوشعيب الرميل، بمدريد، مباحثات مع نظيره الإسباني٬ إينياسيو كوسيدو٬ انصبت حول التعاون الثنائي في المجال الأمني٬ وفق بيان لمصالح الشرطة الوطنية الاسبانية. وأوضح البيان الصادر في في ختام هذا الاجتماع٬ أن المسؤولين المغربي والاسباني تدارسا العديد من القضايا٬ خاصة منها التعاون الأمني بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات والإجرام المنظم والهجرة غير الشرعية وشبكات الإتجار في البشر. وأوضح المصدر نفسه أن الطرفين اتفقا بهذه المناسبة على "تعزيز آليات التعاون والتنسيق الأمني وتبادل المعلومات لمواجهة الإجرام العابر للحدود"، مشيرا إلى أن بوشعيب الرميل٬ الذي يرافقه في زيارته هاته مسؤولون أمنيون مغاربة رفيعو المستوى٬ سيعقد لقاءات مع العديد من المسؤولين الأمنيين الإسبان. حسب مصادر جد مطلعة فقد كان الهدف الرئيس من هذه الزيارة هو تعزيز التعاون بين قوات الأمن المغربية والإسبانية للحيلولة دون "اجتياح" المعاجرين السريين من دول إفريقيا جنوب الصحراء لمدينتي سبتة ومليلية، خاصة وأن عدة تقارير أفادت بأن هؤلاء المهاجرين اكتشفوا طريقا أسلك للولوج إلى التراب الإسباني عبر الجزر الصغيرة القريبة من الشواطئ المغربية الخاضعة للسيطرة الإسبانية والمتنازع عليها بين مدريد والرباط. دركيّون يوقفون صحفيّة ومصوّرا ل "إلبَايِيس" وصمت في مدريد على إثر تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى مليلية أوفدت جريدة "إلباييس" المقربة من الحزب الاشتراكي المعارض مراسلين إلى منطقة الناظور للوقوف على الوضعية هناك عن كتب. لكن عناصر من الدرك الملكي المغربي أقدمت على اعتقال كلّ من الصحفية مونيكَا سِيبيرْيُو والمصور صَامويل سانتشيز المشتغلين بالجريدة. ووفقا لمصادر من المنطقة فإنّ عملية التوقيف تمت بعد زوال يوم الاثنين الماضي بتزامن مع اجتماع بوشعيب الرميل بالمسؤولين الأمنيين الإسبان بمدريد. فقد كان الموفدان يعملان على مادّة خبريّة تعني مهاجرين غير شرعيين من دول إفريقيا جنوب الصحراء مرابطين بضواحي النّاظور استعداد لاقتحام سياجات مدينة مليليّة.. إذ تمّت محاصرتهما من طرف عناصر أمنيّة قبل اقتيادهما لمركز دركيّ. الصحفية مونيكَا سِيبيرْيُو والمصور صَامويل سانتشيز كانا قد نشرا مادّتين اثنتين عن وضع ذات المهاجرين نشرتا ضمن عددي الأحد والاثنين من "إلبايّيس".. وقد وفدا على النّاظور للاستمرار في عملهما المتعاطي مع ظاهرة الهجرة السرية وإصرار الجنوب الصحراويّين على اقتحام مليلية رغما عن المخاطر المحدقة بمثل هذا الفعل غير المشروع.. فيما تمّ توقيفهما حين إقدامهما على التقاط صور لمهاجرين سريين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.. وقد تم إطلاق سراح الموفدين بعد أخد أقوالها لكن الغريب في هذه المسألة هو أن الصحافة الإسبانية وعلى غير عادتها لم تقم بأية ردة ولم تهاجم السلطات المغربية بعد هذا الحادث مما يطرح أكثر من علامة استفهام. رئيس حكومة مليلية يشيد بالتعاون غير المسبوق للمغرب في مكافحة الهجرة السرية رئيس حكومة مليلية ، خوان خوصي إمبرودا، اليميني والمعروف بمواقفه المتصلبة تجاه المغرب أسرع في طمأنة ساكنة المدينة من الإسبان بأن المغرب لم يتخلى عن دوره في حماية المدينة ومنعه لتسلل المهاجرين غير الشرعيين إليها. فقد أكد في تصريحات لإذاعة "أوندا ثيرو" أن حادث المهاجرين الذين حاولوا القفز عبر السياج المحيط بمليلة تهاية شهر رمضان ليس بحجم الأحداث التي عرفها محيط المدينة سنة 2005 حين قام المئات من المهاجرين غير الشرعيين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بالدخول بالقوة إلى المدينة بالقفز عبر السياج المحيط بها. وقال رئيس حكومة مليلية إن الوضع الأمني مستتب بفضل التعاون "الكبير وغير المسبوق" من قبل السلطات المغربية في مكافحة تسلل المهاجرين غير الشرعيين. وأشار خوان خوصي إمبرودا إلى أن قوات الأمن المغربية أوقفت نشاط مافيات الهجرة السرية التي بدأت في استغلال طريق جديد للوصول إلى إسبانيا عبر صحرة لاغوميرا القريبة من الشواطئ المغربية أو جزر الشفارين أو ما يسمى بالجزر الجعفرية والتي يطالب المغرب باسترجاع السيادة عليها. وقال رئيس حكومة مليلية إن الحكومة المغربية الجديدة برئاسة عبد الإله بنكيران تتعاون بشكل أكبر مع الحكومة الإسبانية مقارنة مع حكومة هباس الفاسي التي كانت لها مشادات مع الحزب الشعبي. تدريب البوليس المغربي في أكادمية الشرطة بأبيلا على إثر الزيارة التي قام بها مدير الأمن الوطني المغربي، بوشعيب الرميل، إلى مدريد ولقائه بنظيره الإسباني، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون المغربي الإسباني في المجال التكوين الأمني حيث سيقوم المغرب بإرسال عدد من الأساتذة من معاهد الشرطة المغربية إلى أكادمية الشرطة بمدينة أبيلا، غرب العاصمة الإسبانية مدريد، لتعليم اللغة العربية لعناصر الشرطة الإسبانية وفي المقابل سيتلقى عدد من طلبة معاهد الشرطة بالمغرب تكوينا أمنيا خاصا بذات الأكاديمية. فقد قام الوفد الأمني المغربي بزيارة لهذه الأكاديمية التي تعتبر أهم مركز لتكوين رجال الأمن بإسبانيا حيث تلقى عدة شروحات حول تنظيم الأكاديمية وكيفية اشتغالها. وقد اغتنم الجير العام للأمن الإسباني إغناسيو كوسيدو هذه المناسبة للإشادة بالتعاون الوثيق والمثمر بين السلطات المغربية والإسبانية في مجال مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب والهجرة السرية، مشيرا إلى أهمية المصالح المشتركة بين البلدين. وأكد مدير الأمن الإسباني أن التكوين الذي سيتلقاه الطلبة المغاربة في أكاديمية الشرطة بمدبنة أبيلا يهدف بالأساس إلى "تعزيز فاعلية الأمن المغربي". الصحراء مقابل الهجرة؟ هذه الاجتماعات الأمنية الرفيعة المستوى تزامنت مع زيارة قام بها إلى مدينة العيون بالصحراء وفد عن مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان، ترأسه كيري كينيدي، حيث التقى الوفد بعدة نشطاء صحراويين معروفين بدعهم لجبهة البوليساريو الانفصالية ومطالبتهم باستقلال الصحراء عن المغرب، وعلى رأسهم الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر. كما اجتمع الوفد الأمريكي ببعثة الأممالمتحدة للصحراء المينيرسو و التقى برئيس المنظمة الصحراوية للكرامة و الحرية بطنطان المعتقل السياسي "الهيبة المح" الذي اطلع الوفد على الوضع المتردي لحقوق الإنسان بالصحراء. و اجتمع وفد رئيسة مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان، مع منظمة شمس الحرية بالسمارة المحتلة وقد مثلها رئيس المنظمة المعتقل السياسي والناشط الحقوقي "حمادي الناصري" الذي اتهم الدولة المغربية بالقيام بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في حق الصحراويين الذي يخرجون في مظاهرات مطالبة بتقرير لمصير والحرية.. ثم التقى الوفد الأمريكي بقيادة السيدة "كيري كينيدي" بعد ذلك مع اللجنة الصحراوية للدفاع عن حقوق الانسان بكليميم حيث مثلها الكاتب العام للجنة الناشط "المرخي عبد الخالق" الذي بدوره أكد أن الوضعية الإنسانية بكليميم كارثية بسبب قمع القوات المغربية للمظاهرات السلمية اضافة الى اعتقال الشباب الصحراوي بسبب مواقفهم السياسية. كل هذه اللقاءات مرت الكرام في الصحافة الإسبانية التي أشارت باقتضاب إلى زيارة الوفد الأمريكي ولم توفد أي مبعوث للمنطقة كما دأبت على فعل ذلك. إحجام الصحافة الإسبانية عن القيام بحملة تشهيرية ضد المغرب مثل تلك التي قامت بها إثر أحداث مخيم اكديم إزيك بالعيون في نوفمبر من سنة 2010 يطرح أكثر من علامة استفهام. هل تمة صفقة بين المغرب وإسبانيا، خاصة وأن رئيس حكومة مليلية أشار في تصريحه عقب حادث تسلل المهاجرين الأفارقة إلى أن حكومة ماريانو راخوي "لا تخوض في مستنقعات ليست لها فائدة بالنسبة للسياسة الإسبانية"... هل كان يعني بكلامه مكافحة الهجرة السرية مقابل تخفيف الضغط على المغرب في ملف الصحراء؟ لتحميل العدد بنسخة البي دي إف الرجاء النقر هنا