هذه إحدى مفارقات الزمن الانتخابي في مغرب ما بعد 20 فبراير وما بعد الخطاب الملكي ليوم 9 مارس وما بعد الاستفتاء على الدستور. الرأي العام المغربي، وفي سياق التفاعل مع أحداث الربيع العربي، يطالب فقط بإسقاط الفساد، بما فيلك الفساد السياسي والحزبي، وبالتالي، مادمنا على أبواب الانتخابات التشريعية القادمة، أبسط شيء يمكن أن تقوم به هذه الأحزاب السياسية، هو عدم ترشيح أسماء فاسدة، إضافة إلى ترشيح نخب حزبية وسياسية شابة، وهذا ما لم يحصل في أغلب الأحزاب السياسية المغربية، مع بعض الاستثناءات هنا وهناك، ومنها الحضور الكبير لعدد الشباب في حزب الأصالة والمعاصرة. ما جرى نهاية الأسبوع الماضي بمدينة سلا، مع حزب الحركة الشعبية، حسب متابعة "أندلس برس"، لا يمكن إلا أن يغذي خطاب حركة 20 فبراير، ويخدم خيار العزوف السياسي والانتخابي، حيث نظم حزب الحركة الشعبية، لقاءا تواصليا من أجل دعم احد مرشحيه بالمدينة، وهو أحد أهم الأسماء السياسية الفاسدة، كما تعلم ذلك جيدا الساكنة بسلا. وكان من بين الحضور، القيادي المحجوبي أحرضان، والأمين العام الحالي، امحند العنصر، وقيادات أخرى، والمشكل أن أحرضان، يناهز 100 سنة (حوالي 95 سنة)، أي أن عمر الملك محمد السادس، يناهز عمر حفيد أحرضان، هذا عن ملك المغرب، وهو ملك شاب، ودعا في خطبه الأخير أثناء افتتاح الدورة التشريعية الحالية، إلى ضرورة انفتاح الأحزاب السياسية على الطاقات المؤهلة والشابة، ولكن هذا أمر، لا يؤمن به حزب الحركة الشعبية على ما يبدو، ما دام أحرضان حاضرا مرة أخرى، حتى إشعار آخر، ومادام حاضرا في حملة انتخابية لدعم مرشح يتهم بأنه فاسد، وبالرغم من ذلك، يريدون أن يقنعوا الرأي العام بأن شعارات حركة 20 فبراير مجرد شعارات مراهقين وشعارات ضبابية وغير واقعية. ليس هذا وحسب، فقد اعتبر المتدخلون في التجمع الجماهيري، أن هذا الأخير يعتبر "تدشينا لانطلاقة الحملة الانتخابية بشكل رسمي، استحقاقات 25 نونبر الجاري، محطة ذات تميز لكونها أول محك حقيقي لتنزيل مقتضيات الدستور الجديد"، مؤكدين في المهرجان الانتخابي الذي نظم تحت شعار "الحركة الشعبية..التزام من أجل المغرب"، إن "الاستحقاقات المقبلة، تأتي في ظرفية تاريخية متميزة على الصعيدين الوطني ، بحيث ستشكل نقلة نوعية في الشروع في مزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ولتؤكد أن المغرب فعلا يشكل الاستثناء". وفي كلمة بالمناسبة، انتقد العنصر أمين عام حزب السنبلة المتشككين والداعين إلى مقاطعة انتخابات 25 نونبر الجاري ، قائلا "إن موقف الحركة الشعبية هو المشاركة في الاستحقاقات التشريعية والإيمان بمؤسسات بلادنا وبكلام جلالة الملك وبما جاء به الدستور الجديد ، لذا تقدمنا وبثقة، بمرشحات ومرشحين أكفاء لأننا نريد الأصلح لبلادنا". المشكلة، حسب تقييم "أندلس برس"، أن حضور أحرضان وحضور أغلب قيادات الحزب لمساندة مرشح يتهم من قبل ساكنة سلا بأنه مرشح فاسد، يعتبر دليلا ضد الحزب، ويخدم بالفعل الشعارات الداعية إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة، إذا كانت ستفرز مرة أخرى برلمانيين يتحملون مسؤولية كبيرة وتاريخية في الفساد المؤسساتي الذي يطالب الرأي العام المغربي بإسقاطه.