يتهدد الإفلاس نظام المعاشات المدنية، خلال سبع سنوات المقبلة، إذا لم يتم الإسراع بتنزيل الشق الثاني من الإصلاح، إذ أن الإصلاح المقياسي مكن من تمديد عمر النظام إلى غاية 2027، على أن يتم اعتماد إصلاح هيكلي لضمان ديمومته. وأفادت مصادر تسجيل عجز في حسابات الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يدير هذه المعاشات، وصلت قيمته الإجمالية، إلى أزيد من 6 ملايير درهم (600 مليار سنتيم). وأكدت المصادر ذاتها أن احتياطات الصندوق ستنفد في أفق 2027، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة. واضطر الصندوق إلى اللجوء إلى الإيرادات المالية للتوظيفات لتغطية 59 في المائة من العجز وتمت تغطية النسبة المتبقية، أي 49 في المائة، من الاحتياطات، التي تراجعت بناقص 3.12 في المائة. وشمل الإصلاح المقياسي رفع المساهمات بثماني نقط مائوية على مدى أربع سنوات، ما بين 2016 و 2019، يتحملها الموظفون والدولة بصفتها مشغلا بالتساوي. كما تم تمديد سن الإحالة على التقاعد بوتيرة ستة أشهر في كل سنة إلى حين الوصول إلى 63 سنة، بدل 60 سنة التي كانت معتمدة سابقا، في حين تم الإبقاء على سن تقاعد في حدود 60 سنة بالنسبة إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وهمت الإصلاحات أيضا طريقة تصفية المعاش، إذ أصبح متوسط الأجور التي تقاضاها الموظف خلال 96 شهرا الأخيرة قبل إحالته على التقاعد هو أساس احتساب المعاش، بدل اعتماد أجر الشهر الأخير قبل الإحالة على التقاعد لاحتساب المعاش، كما تم تقليص معامل من 2.5 % إلى 2. لكن كل هذه الإجراءات لن توقف النزيف، إذا لم يتم اعتماد إصلاحات شاملة لمنظومة المعاشات بالقطاع العام، علما أن أي تأخر يجعل كلفة الإصلاح أكبر وأقسى. واقترحت المركزيات النقابية لتجاوز الوضعية التي يعانيها الصندوق المغربي للتقاعد أن يتم الإصلاح عبر مرحلتين، يتم في المرحلة الأولى اعتماد الإجراءات التي تستجيب للحالة الاستعجالية لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، عبر إرساء تعديلات على مستوى مقاييسه، تهم سن الإحالة على التقاعد، ومساهمات الدولة والموظفين، وطريقة احتساب المعاشات. وتتضمن المرحلة الثانية تفعيل الإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد، من خلال تجميع أنظمة القطاع العام وشبه العام في قطب عمومي واحد متكون من نظامين، أحدهما أساسي والآخر تكميلي، وتشكيل قطب خاص يغطي بالإضافة لأجراء القطاع الخاص فئة غير الأجراء التي لا تستفيد في الوقت الراهن من أي تغطية. وبادرت الحكومة إلى اعتماد الإصلاح المقياسي، خلال 2016، لكنها تقاعست عن مواصلة الإصلاحات، ما حد من الانعكاسات الإيجابية للصنف الأول من الإصلاحات، وأصبح الإفلاس يتهدد، حاليا، نظام المعاشات المدنية.