في الآونة الأخيرة، بدأ عدد متزايد من النساء السعوديات ينددن بتحكم الرجال في حياتهن، لكن رغم ذلك لا زال للرجال الكلمة الأخيرة في كل شيء. الأسبوع الماضي، حاولت الشابة السعودية دينا العلي التي تبلغ من العمر 24 سنة الفرار من بيتها وبلدها نحو أستراليا. أعضاء من أسرتها لحقوا بها إلى مانيلا بالفليبين، التي كانت محطة عبورها نحو أستراليا، وأجبروها على العودة إلى السعودية. نشرت الفتاة شريطا مصورا عبر هاتفها النقال، قبل رحلة العودة إلى الديار، تقول فيه إن أسرتها ستقتلها إن عادت، متوسلة المساعدة. انتشر الفيديو بسرعة داخل السعودية وحظي بمتابعة كبيرة. امرأة أخرى، اسمها علاء أنازي، طالبة طب، تعرضت للاعتقال بمطار الرياض حين سألت عن موعد وصول رحلة دينا إلى السعودية. فقد تجمع عدد من المحتجين لدعم الشابة عند وصولها للمطار بعدما نسقوا بينهم عبر تويتر. في هذا الأسبوع أيضا، تم اعتقال الناشطة الحقوقية، مريم العتيبي، بعدما فرت من منزل زوجها للعيش باستقلالية بالرياض. نشر النشطاء خبر اعتقالها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة. الحالات الثلاث جزء من حملة تقودها السعوديات، اللواتي دأبن على بث فيديوهات جريئة عبر هواتفهن النقالة، مستخدمين فايسبوك لتنظيم الاحتجاجات في الشارع ومستغلين تويتر لنشر رسائل تتحدى فكرة تفوق الرجل في مجتمعهن الأبيسي. فاق أثر الحملة، التي بدأت بعدد قليل من الناشطات ذوات الحس الإعلامي، بكثير سابقتها الخاصة بالاحتجاج على منع النساء من قيادة السيارات، وصارت تمثل تحديا صريحا لنظام وصاية الرجل على المرأة في المجتمع. في ظل هذا النظام، يمتلك أي قريب ذكر حق السيطرة على كل حركات وسكنات امرأة من قرابته بشرعية القانون. "ما معنى الحق في السياقة إذا كانت المرأة تحتاج إذن الرجل لمغادرة البيت؟" تتساءل ناشطة سعودية. الجوهاني ناشطة سعودية أخرى ألزمها والدها بالبقاء في البيت ضدا على إرادتها لغضبه من تصرفاتها المتحررة. سافرت العام الماضي إلى الولاياتالمتحدة، حيث طلبت اللجوء. وكانت ضمن من أطلقوا حملة "كفى من استعباد النساء السعوديات" على توتير، والتي تقول الجوهاني إنها ظلت تتصدر وسوم تويتر لأزيد من 230 يوما. الناشطات السعوديات على الأنترنت كن في أوقات مستفزات بقيام عدد منهن، يبدو أنهن يعشن داخل السعودية، بنشر صور وفيديوهات على الأنترنت بعد نزع حجابهن، وكثيرا ما يحدث ذلك في الشارع العام. فيما لن يثير مثل هذا السلوك أكثر من مجرد نظرة خاطفة في معظم المجتمعات الإسلامية، في السعودية قد يتعرض هؤلاء النسوة إلى التوقيف من طرف شرطة النهي عن المنكر، التي تحرص على تطبيق الوهابية. في تغريدة بتويتر، رفعت امرأة لافتة فوق رأسها تقول "أنا سجينة وذنبي أني امرأة سعودية". أخريات سجلن أنفسهن وهن يقمن بمجموعة من السلوكات التي تعتبر ممنوعة مثل قيادة السيارات والدراجات الهوائية ولباس سراويل الجنيز. في حالة السيدة دينا، التي كانت تريد الفرار إلى أستراليا دون إذن والدها، طلبت السلطات السعودية من المسؤولين الفليبينيين أن يوقفوها فيما طار عمها إلى مانيلا. قبل أن يصلوا، استعارت هاتفا من سيدة كندية بالمطار وسجلت نداء استغاثتها. "إذا لحقت بي عائلتي، ستقتلني"، صاحت في التسجيل الهاتفي. "إذا عدت للسعودية، سأكون في عداد الموتى". وحسب منظمة "هيومان رايتس واتش"، يقول مسؤول أمني بمانيلا إنه رآها تُؤخذ وهي مقيدة وشريط لاصق موضوع على فمها. تم وضعها في طائرة تابعة للخطوط السعودية للعودة مع عمها. فيديو دينا انتشر بسرعة في الشرق الأوسط تحت وسم "أنقذوا دينا علي". أصدرت سفارة السعودية بالفيلبين بيانا تقول فيه إن عودة السيدة دينا "أمر عائلي". ونفت السلطات الفليبينية أن تكون أرسلتها ضدا على إرادتها. "الحالات المشابهة لحالة دينا علي هي النتيجة المباشرة لنظام يجعل المرأة في حالة قصور دائمة"، يقول أحمد بنشمسي، الباحث بمنظمة "هيومن رايتس واتش". في إطار عرضه لرؤية 2030، دعا أمير السعودية القوي ولي ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى مجتمع أكثر انفتاحا. وقال إن المرأة جزء أساسي من المجتمع ويجب تمكينها من لعب دور أكبر. أحد إصلاحات الأمير تمثل في الحد من صلاحيات شرطة النهي عن المنكر، مقلصا سلطاتها بصفة قوية خلال الأشهر الأخيرة، وهو أحد الأسباب التي دفعت النساء إلى البدء بالتعبير عن مطالبهن بصفة أكبر الآن. تقول السيدة الجوهاني إنها منذ أن فرت من السعودية العام الماضي، جذب نضالها كثيرا من النساء الشابات اللاتي يردن تحرير أنفسهن من قيود أقاربهن الرجال. "أتلقى عشرات الرسائل كل يوم من سعوديات يبحثن عن طريق الخلاص".