الصورة الشهيرة رسمها الفنان الأمريكي، "شيبرد فيري" بطريقة معبرة- جيتي سلطت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، الضوء على المظاهرات التي عرفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد الرئيس دونالد ترامب، مؤخرا، وظهرت خلالها وبشكل مكثف، صورة لامرأة ترتدي حجابا يحمل ألوان العلم الأمريكي. وقالت الصحيفة ان المتظاهرين قد لجأوا لهذه الحركة بغية إيصال ثلاث رسائل؛ تتمثل أولاها في الدفاع عن النساء اللواتي يعانين من النزعة الذكورية لإدارة ترامب، والدفاع عن كرامة المسلمين الذين تعرضوا للتحريض والاتهامات من قبل الرئيس الجديد، طيلة حملته الانتخابية وحتى بعد وصوله للرئاسة، والهدف الثالث يتمثل في إثبات أن الدين الإسلامي لا يتعارض بالضرورة مع الهوية الوطنية الأمريكية. والجدير بالذكر أن هذه الصورة الشهيرة قد رسمها الفنان الأمريكي، "شيبرد فيري"، بطريقة معبرة، وقد سمى لوحته "الأمل"، التي أصبحت فيما بعد رمزا للحملة الانتخابية لباراك أوباما في سنة 2008. وذكرت الصحيفة أن هذه الصورة التي تدعو للتسامح والتفاهم والتعايش، وترفض إقصاء الآخر والتمييز ضده، تم رفعها وبشكل مكثف خلال "مسيرة النساء"، التي جابت شوارع العاصمة الأمريكية، قبل يوم واحد من دخول ترامب للبيت الأبيض. كما أن العديد من المتظاهرين قد رفعوا هذه الصورة خلال الفترة التي أصدر فيها ترامب قراره بمنع المسافرين القادمين من سبع دول إسلامية من دخول البلاد. وأوردت الصحيفة أن هذه الصورة التي حازت على إعجاب واهتمام كبير، لا تحظى بإجماع كامل في العالم الإسلامي، إذ أن بعض النساء يعتبرن أن هذه الصورة لا تمثل كل المسلمات. وفي هذا السياق، صرحت، رئيسة منتدى التقدم الإسلامي في سويسرا، سعيدة كيلر المساهلي، بأن "هذه الصورة في رأيي قد أثارت استنكار العديد من المسلمات اللواتي لا يرغبن في ارتداء الحجاب، نظرا لأنهن يعتبرنه رمزا لتسييس الإسلام والتدخل في الشؤون الشخصية للأفراد". في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أن الدافع وراء ارتداء الحجاب، والرسالة المراد إيصالها تختلف من امرأة إلى أخرى. وفي هذا السياق، تعتقد الناشطة المسلمة، غابريال نيازي، من الرابطة الألمانية للنساء المسلمات، أن ارتداء الحجاب هو حركة تحرر وانعتاق بالنسبة للعديد من النساء، إذ أن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة يعد نوعا من الوعي الذاتي والتعبير عن التميز والقناعات الشخصية بالنسبة للمرأة. ونقلت الصحيفة وجهة نظر المحامية الألمانية بتول أولسوي، التي أطلقت حوارا عن الحجاب في سنة 2015، أثناء فترة تدريبها على المحاماة في قسم الشؤون القانونية في مدينة كولن، حيث أقرت أولسوي أن 90 بالمائة من النساء المعنيات بهذا الأمر قررن ارتداء الحجاب لسبب وحيد وهو القناعات الدينية، إذ أن غايتهن تتمحور على حد تعبير إحداهن "أريد أن أظهر لخالقي أنني ملتزمة بالتعاليم الدينية، تماما مثل الصلاة والصوم". وبالتالي فإن ارتداء الحجاب ليس رسالة إلى الآخرين بقدر ما هو متعلق بالعلاقة بين المرأة والله. وأضافت أولسوي، متحدثة عن تجربتها الخاصة، أن هناك دافع آخر شجعها على ارتداء الحجاب، يتمثل في تلافي كل الملهيات التي تشوش على ذهن الإنسان. وفي هذا الصدد، قالت أولسوي: "ما الذي يبقى ظاهرا للعيان عندما أغطي نفسي؟ الإجابة، لا شيء غير شخصيتي. في الحقيقة، عندما أغطي كل المظاهر الخارجية أصبح قادرة على التركيز أكثر على كياني الداخلي والقيم الروحية الحقيقية". وأوردت الصحيفة، في السياق نفسه، خطاب الناشطة النسوية البريطانية، لوري بيني، الملفت للانتباه، على الرغم من أنها ليست مسلمة. فإثر تجربتها لارتداء العباءة الخليجية والحجاب، صرحت بيني: "لأول مرة منذ بلوغي سن النضج، أشعر بأن الناس ينظرون لشخصيتي الحقيقية، عوضا عن النظر إلى جسدي. وبالنسبة لبعض النساء هذا الشعور بالحرية يعد أمرا محوريا للشعور بالتقدير الذاتي". وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كان ارتداء الحجاب رمزا للحرية والمساواة، في حين أن الكثيرين يعتبرونه رمزا للحركة النسوية وحركات تحرر المرأة. وفي الأثناء، تؤمن بعض المسلمات بأن تغطية الرأس إجراء تحرري يهدف إلى التصدي للنظرة السطحية والمهينة للمرأة في المجتمعات الغربية، التي تختزلها في جسد وتنظر إليها من زاوية جنسية فقط. وفي هذا السياق، أفادت الكاتبة، سيلين إبراهيم، أنه "من خلال الحجاب يمكن للنساء حماية أجسادهن من النظرات غير المرغوب فيها، ومختلف أنواع المضايقات الشوفينية التي يمارسها الذكور ضد الإناث". واعتبرت الصحيفة أن دوافع ارتداء الحجاب لا يمكن تعميمها، إذ تختلف من امرأة إلى أخرى. فقد يعبر الحجاب عن الوعي الذاتي الديني وقد يبرز القيم التي يؤمن بها الإنسان، وحتى الدوافع النسوية نحو التحرر. في المقابل، قد لا ينطبق الأمر ذاته على العديد من الحالات. وأوضحت الصحيفة أن العديد من الفتيات الشابات اللواتي قررن ارتداء الحجاب في المجتمعات الغربية، اتجهن نحو هذا الخيار لدوافع ثقافية متعلقة بالموضة في الدول الغربية، على خلاف أمهاتهن اللواتي ارتدين الحجاب لدوافع تقليدية. ومن هذا المنطلق، قد تغير هؤلاء الفتيات الشابات معنى ارتداء الحجاب، في المستقبل، وقد يغيرن أيضا دور المرأة المسلمة في المجتمع الغربي. وذكرت الصحيفة أن انتشار الصورة التي تظهر من خلالها امرأة ترتدي حجابا يحمل ألوان العلم الأمريكي، كان بفضل مبادرة من الناشطة الفلسطينية الأمريكية، ليندا صرصور. وتعد هذه الناشطة المدافعة عن الحجاب واحدة من النساء الثلاث اللواتي نظمن "مسيرة النساء في واشنطن". وفي الماضي، دافعت صرصور في العديد من المناسبات عن مبادئ الشريعة الإسلامية، معتبرة أن الشريعة تم فهمها بشكل خاطئ من قبل الكثيرين في المجتمعات الغربية. وتجدر الإشارة إلى أنه وفي صلب المجتمعات الحديثة، من حق كل فرد أن يعبر عن قناعاته الدينية، أو السياسية، أو انتمائه لمجموعة معينة، بالشكل الذي يرغب فيه وفي كنف الحرية. في الواقع، هناك الكثير من المواطنين الغربين الذين في حاجة ماسة لتعلم هذه المبادئ سواء في المجتمع الألماني أو بالنسبة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي لا يحترم هذه الحريات. وفي الختام، أفادت الصحيفة أنه من حق أي شخص أن يرفض أو ينتقد هذه الفكرة، التي تتعلق بتغطية رأس المرأة، دون أن يتم اتهامه بالعنصرية أو الإسلاموفوبيا، إذ أن التسامح لا بد أن يكون من الطرفين ومن الضروري تقبل الرأي الآخر في كنف الاحترام. والجدير بالذكر أن على النساء والفتيات اللاتي يرتدين الحجاب بشكل طوعي، إدراك حقيقة أن الحجاب في بعض المناطق الأخرى من العالم يعتبر مظهرا من مظاهر اضطهاد المرأة وإكراهها.