موضوع حلقة اليوم الخميس من برنامج "حكايات من زمن فات"، عن رجل ذو فضلٌ عظيم في الإسلام، حيث أنه بذل من الجهد والتعب باحثاً عن حقيقة الدين والايمان ما لم يبذله أحدٌ مثله، حتى لحق بالنبي الكريم، فأحبه وقربه منه حتى قال عنه "سلمان منا آل البيت" وحكى سليمان قصته ذات يوم لعبد الله بن العباس رضي الله عنه، فقال له أنه كان فارسيا مجوسيا، واجتهد في المجوسية حتى أصبح هو من يوقدها ولا يتركها تطفئ في معبدها، حتى أمره ابوه ذات يوم بأن يذهب ليطمئن على ضيعته، حتى مر بكنيسة نصرانية، فسمع صوت الرهبان والقساوسة، فدخل فوجدهم يصلون، فأحس بأن هذا الدين أفضل من عبادة النار، فقال لهم "هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه"، وعندما عاد وأخبره أبوه، غضب عليه وقيده وحبسه في البيت. ثم استطاع رضي الله عنه أن يفُك قيده ويهرب إلى الشام حيث كانت المسيحية منتشرة، وذهب إلى أُسقف الكنيسة "أعلى رجال الدين منزلة"، وقال له :"إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك واتعلم منك وأصلي معك"، إلا أنه وجده كذاباً وبخيلا ويسرق أموال الفقراء، فلما مات دلّ الناس على ما كان يصنع، فصلبوه بدلاً من أن يدفنوه. فلما جاء الأُسقف الجديد، وجده رجلاً مؤمنا زاهداً في الدنيا وراغبا في الأخرة، فأحبه حباً جماً، حتى حضرته الوفاة، فقال له" إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال له إنه لم يبق أحدٌ يعبد الله مثله إلا قليل، إلا أنه أوصاه بأن يذهب لرجلٌ في الموصل في العراق، فذهب له ووجده مثل صاحبه، ولما حضره الموت أوصاه بأن يذهب إلى رجلٌ في "نصيبين" "في تركيا حاليا"، ثم من بعده ذهب إلى رجل في "عمورية". فلما حضر الأخير الموت طلب منه سلمان أن يرشح له رجل ٌ صالح يتعلم منه الدين والعبادة مثله ومثل أصحابه السابقين، فقال له "أي بني والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل" إلا أنه عندما طلب من بعض التجار من "بني كلب" أن يأخذوه معهم إلى أرض العرب مُقابل كل ما يملكه من غنم وبقر، ظلموه وأخذوا ماله ثم باعوه لرجلٌ يهودي، ثم باعه اليهودي لابن عمه في المدينةالمنورة، فعرف أنها المكان الذي أخبره عنها صاحبه الأُسقف، فأقام فيها حتى بُعث الرسول، وعرف أنه النبي المرسل من عند الله من علامات دله عليها الأُسقف صاحبه، فأمن به وصاحبه، إلا أنه تخلف عن غزوات بدر وأُحد، حتى استطاع أن يدفع فدية نفسه بمُساعدة بعض الصحابة، فلازم الرسول في غزواته. ومن أشهر ما عُرف عنه موقفه في غزوة الخندق عندما أقترح على الرسول، أن يتم حفر خندق يُغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وهو ما تم بالفعل والذي صُعقت قريش حين رأته، وعجزت عن اقتحام المدينة. وأغلب الأقوال إنه توفى في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فرحم الله سلمان كان باحثاُ عن الحق فأدركه.