خلفت حادثة الهجوم الإرهابي على منتجع سوسة في تونس نهاية الأسبوع الماضي، فرزا خطيرا في الرواد المغاربة لمواقع التواصل الاجتماعي، وكشفت الساعات والأيام القليلة التالية للحادث المؤلم، والذي راح ضحيته 38 شخصا قضوا برصاص متطرفين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، عن وجود عدد كبير من المشيدين بالجريمة الإرهابية، وهكذا ولأول مرة وبشكل علني، سيكشف عدد من المبحرين المغاربة عن «استبشارهم» بالجريمة، ودعمهم لها، ووصلت مساندة هذا الفعل الإرهابي ببعضهم إلى تمني حدوث هجومات مماثلة في المغرب.. وأغرق المتطرفون المغاربة سواء بأسمائهم أو بأسماء مستعارة، مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ومنشورات، تهدد وتشيد بالهجوم من قبيل «المغرب هو التالي»، و»متى تصل الدولة الإسلامية إلى المغرب» أو على شكل أدعية وتمنيات بوصول تنظيم «داعش» إلى المغرب.. وسجل موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أكبر عدد من الحسابات المغربية التي تشارك في هذه الحملة، فيما يأتي الفيسبوك في درجة أقل. وحسب مراقبين متخصصين في مواقع التواصل الاجتماعي قاموا بمتابعة هذه المواقع بُعيد الهجوم الذي استهدف تونس، من بينهم الإعلامي المغربي محمد القاسمي، فإنها أول مرة تكتسح فيه هذه المنشورات والتغريدات المتطرفة حسابات المبحرين المغاربة. وقال القاسمي في تصريح خص به «أخبار اليوم»: «إن تنامي هذه التعليقات بعد أحداث تونس الإرهابية يمكن وصفها بالمفاجئة ومؤشر على حالة خطيرة، خصوصا عند رصدها لدى العديد من الفيسبوكيين ذوي التكوين المتوسط والعالي، ولدى الطلبة، حيث أصبح التطبيع مع الإرهاب والإشادة به أمرا مقلقا ويبعث على التوجس، ويمكن إرجاع هذا التعاطف مع الأعمال الإرهابية إلى أن عددا من الفيسبوكيين المغاربة يعمدون إلى إعلان دعمهم لداعش كرد على نقاش الحريات الفردية، والدعوات الصادرة هنا وهناك لاحترام حقوق الإنسان. هذا الوضع أصبح يتطلب رد فعل عاجل من جميع الجهات المتدخلة لوقف هاته الأفكار الدخيلة على المجتمع المغربي المعروف بالتسامح والانفتاح..». وعلق على هذه الظاهرة في اتصال ب» اليوم24» الداعية السلفي محمد عبد الوهاب رفيقي قائلا: «يجب الاعتراف أن الفكر المتطرف يوجد بشدة على شبكات التواصل الاجتماعي، وإنه يستعملها بمهنية، كما يستخدم كل إمكانياتها لتمرير أفكاره وتسويقها، فمن أراد مواجهة هذا الفكر فلابد له من مراعاة هذا المعطى. من ناحية أخرى، فإن ما يقع في بعض دول الربيع العربي والانتكاسات التي حصلت شكّلت صدمة لدى الكثير من هؤلاء مما أفقدهم الثقة في المسارات السلمية وهيأ عندهم قبولا للتطرف، خاصة أن سلاسة وسائل التواصل تدفعهم للتعبير بسرعة عما يجول في خواطرهم لحظة الحدث دون تفكير، وتشكل متنفسا لهم من عوامل التأزيم الداخلي الذي يعيشونه، لذلك فهم يعبرون عن تطرف، لكن هذا لا يعني أنهم جميعا قد يتحولون إلى إرهابيين، منهم من لا يتعدى تطرفه ذلك التعليق، ومنهم طبعا من يعبر عن عقيدة يحملها ومبادئ يؤمن بها.» من جانب آخر، اعتبر المحلل النفسي رضا امحاسني، في حديثه إلى «اليوم24» أن الملاحظ من خلال قراءة التعليقات الداعشية المستبشرة بمذبحة سوسة هو أن تلذذ من هؤلاء الأشخاص، وذلك بمشاهدة صور الجريمة وجثث الضحايا. وهو سلوك يظهر لدى المعتلين اجتماعيا..». وكان منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كيرشوف، حذر في نهاية الأسبوع الماضي، (حذر) من التهديد الذي باتت تشكله مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة في يد تنظيم «داعش» لتجنيد الشباب للانضمام إليه. ونقلت عدة وسائل إعلام عن «دو كيرشوف» قوله إن تنظيم «داعش» مازال يشكل خطرا على الاتحاد الأوروبي، حيث يواصل تجنيد الشبان بطرق عدة، وأهمها مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها «تويتر» و»فيسبوك»، نظرا إلى الضغوط المتزايدة من السلطات الأوروبية للحد من استخدام المتطرفين لها كمنصة رئيسية للتجنيد وجمع التبرعات.