يبدو أنه لا حظَّ للمغرب مع التقارير الدولية، فكلها تكاد تجمع على وضعه في المراتب الأخيرة ضمن الأمم، ولعل آخرها التقرير السنوي حول مؤشر السعادة في العالم الذي وضع المغاربة ضمن الشعوب الأكثر تعاسة في العالم، حيث صنف التقرير الذي تشرف عليه مجموعة من الباحثين الأمريكيين والأخصائيين في علم النفس، المغرب في المرتبة 99 من بين 156 دولة شملها البحث، المغرب الذي تراجع في سلم الترتيب مقارنة مع السنة الماضية جاء أيضا في مؤخرة ترتيب الدول العربية، ليجد نفسه ضمن الشعوب العربية الأكثر تعاسة. مؤشر السعادة الذي يعتمد على مجموعة من المعايير أولها توفير السكن ثم الخدمات الصحية وأمد الحياة ثم الدخل الفردي مقارنة بالناتج الوطني الخام ثم انتشار الفساد والرشوة في البلد، هي معايير يعتبرها التقرير أساسية، ثم تأتي معايير الحرية في اختيار طريقة الحياة والمساندة الاجتماعية ثم السلم الاجتماعي، وكلها معايير ركز عليها التقرير في تصنيفه الذي وضع المغرب في المرتبة 99 عالميا بمعدل (4.885) مسبوقا بالعديد من الدول العربية كالجزائر ولبنان. وقد تراجع مؤشر السعادة في المغرب ب (0.147) منذ سنة 2005 إلى غاية 2012 وقد عزى التقرير تراجع مؤشر السعادة في المغرب إلى أن معاناة المغاربة مع الرشوة والفساد قد ارتفعت إضافة إلى تراجع الدخل الفردي مقارنة مع الناتج الوطني الخام، كما رصد التقرير أن المساعدات والتبرعات الاجتماعية التي تساهم في تحقيق نوع من التكافل الاجتماعي قد تراجعت أيضا ما بين سنة 2007 إلى سنة 2012، وبصفة عامة فقد سجل التقرير تراجع مؤشر السعادة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. دول الخليج جاءت في مقدمة الدول الأكثر سعادة في العالم، حيث تحتل الإمارات المرتبة الأولى على الصعيد العربي و14 على الصعيد العالمي والتي يتمتع سكانها برخاء في العيش، حيث عبروا عن رضاهم على مستوى العيش في دولة الإمارات، متبوعة بكل من قطر وسلطنة عمان. أما الدول العربية التي تشهد أحداثا دامية واحتجاجات لا تتوقف، فقد أخذت موقعها في مؤخرة ترتيب مؤشر السعادة، حيث يعتبر السوريون أقل الشعوب العربية سعادة (المرتبة 148) ثم اليمن في المرتبة 142 والسودان 124. أما على الصعيد العالمي فقد حافظت دول شمال أوروبا على صدارة مؤشر السعادة ويعتبر مواطنوها الأكثر سعادة في العالم وتعتبر الدانمارك الدولة الأكثر سعادة تليها النرويج ثم سويسرا، أما القارة السمراء فقد كان لها نصيب الأسد من حيث الدول الأكثر شقاء وفي مقدمتها الطوغو ثم البنين وإفريقيا الوسطى. التقرير تحدث أيضا عن أهم الأسباب التي تجعل المواطنين غير راضين عن العيش في بلدانهم وتكون سببا في الكثير من الأمراض النفسية، ومنها انعدام وسائل الدخل والبطالة التي «تجعل الشباب يفقد الأمل في المجتمع»، كما أن انعدام التغطية الصحية وانتشار الأمراض الجسدية تؤدي إلى «انتشار حالة من الخوف والقلق لدى المواطنين الذين يخيفهم شبح المرض لأنهم يعلمون بأنهم لا يتوفرون على تغطية صحية»، التقرير رصد أيضا أن الأمراض النفسية بدأت تنتشر بشكل كبير على مستوى العالم وأصبحت المعاناة النفسية أكثر ما يشتكي منه المواطنون في مختلف دول العالم.