بعد أسابيع فقط من الصلح بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد، اندلع التوتر من جديد بين القاهرةوالدوحة على خلفية «تحفظ» قطر على فقرة من بيان صادر عن الجامعة العربية «يتفهم» ضرب الطائرات المصرية للأراضي الليببية، وقد جعل هذا الخلاف المغرب يمشي على خيط رفيع من الحياد، فهو لا يريد العودة إلى تسميم علاقاته مع مصر، التي كبر دورها الإقليمي بعد تعرض 21 من المصريين للذبح في ليبيا، ولا يرغب في خسارة قطر، التي رمم علاقاته معها مؤخرا. وقال سفير المغرب في مصر، سعد العلمي، إن الاجتماع التشاوري لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، عرف خلافا «تعودنا عليه»، بين مصر وقطر، ولكنه أشار إلى أنه «تفاجأ لما حصل» من تصعيد وصل إلى حد سحب السفير القطري للتشاور من القاهرة. وتدارس المندوبون الدائمون في مجلس الجامعة العربية نقطتين: الأولى، تقدمت بها مصر؛ وتتعلق بالعمل الإرهابي الذي استهدف المواطنين المصريين في ليبيا. والثانية، تقدم بها المغرب؛ وتتعلق بالأوضاع في اليمن. وقال العلمي ل»أخبار اليوم» إن «الخلاف بين قطر ومصر أصبح معروفا للجميع»، وأضاف أن قطر «كانت دائما تعبر عن مواقف تعترض عليها مصر، أو العكس». لافتا الانتباه إلى أن السفير القطري في مصر كان موجودا منذ فترة في الدوحة، وليس في القاهرة، وأن الذي حضر مكانه إلى الاجتماع التشاوري هو مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية القطرية. وكشف البيان، الصادر عن الاجتماع التشاوري، أن الدولة الوحيدة التي كان لها تحفظ من بعض مضامينه هي قطر، التي أبدت تحفظا على الفقرة الثانية منه، والتي تنص على أن مجلس جامعة الدول العربية «يعرب عن تفهمه الكامل للضربة الجوية التي وجّهتها القوات المسلحة المصرية إلى مواقع تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة درنة الليبية»، كما تحفظت قطر على مضمون الفقرة الخامسة من البيان، وخاصة عبارته الأخيرة التي تؤكد على «رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي». ودفع التحفظ القطري المندوب المصري في الجامعة العربية، طارق عادل، إلى اتهام قطر ب»دعم الإرهاب»، و»الخروج عن العمل العربي المشترك»، الأمر الذي اعتبرته قطر «مجانبا للصواب والحكمة ومبادئ العمل العربي المشترك»، معلنة عن قرار سحب سفيرها من القاهرة للتشاور. وأغضب الاتهام المصري مجلس التعاون الخليجي، الذي أصدر بيانا في الموضوع، اعتبر فيه الاتهامات المصرية «باطلة وتجافي الحقيقة، وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها قطر مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات». ورفض العلمي الكشف عن طبيعة الموقف المغربي من الأزمة المصرية القطرية، مكتفيا بالقول «إن مواقف المغرب معروفة، ولا تحتاج إلى توضيح»، في إشارة ضمنية إلى أن الرباط تفضل النأي بنفسها عن هذا الخلاف الذي تأجج من جديد بين البلدين. أما بخصوص اليمن، قال العلمي إن المغرب سبق أن طلب اجتماعا بشأن اليمن منذ شهر تقريبا، إلا أن السلطات اليمنية طلبت التريث ريثما يصل الحوار الداخلي بين الأطراف إلى شيء معين، وهو ما لم يقع -لحد الآن- يقول العلمي، مشيرا إلى أن قرار مجلس الجامعة العربية، لأول أمس، جاء «متوازنا»، بحيث «لا يغلق الباب أمام الحوار»، و»لا يتركه مفتوحا إلى أجل غير مسمى».