باشتداد شراسة الفيروس التاجي والارتفاع الصاروخي لعدد المصابين والوفيات، أعاد كتاب الضبط دق ناقوس الخطر، بعد تسلل كوفيد 19 إلى المئات من موظفي وزارة العدل، نتج عنه وفيات كثيرة في مختلف المؤسسات والمرافق العدلية بالمغرب، حيث يعيش القطاع على صفيح ساخن، بين الرعب من تحول المؤسسات إلى بؤر وبائية مهنية، وبين التضييق على الحقوق الإنسانية والمهنية، آخرها ما اعتبروه هزالة الميزانية المخصصة لسنة 2020، والتي صنفوها أضعف ميزانية في تاريخ الوزارة. وحسب مصادر "أخبار اليوم"، فإن موظفي وزارة العدل فقدوا نحو 10 وفيات إثر أدائهم مهامهم بالمحاكم والمؤسسات العدلية بالمغرب، إضافة إلى إصابة المئات منهم، في بؤر مهنية، أصبح لزاما توقيف العمل في المحاكم باعتبار أن القطاع أصبح موبوءا، وهو ما جعل المكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يعقد اجتماعا طارئا أول أمس الثلاثاء يتدارس الوضعية إلى جانب نقط أخرى، حيث وقف المكتب عند الوضعية الصحية الخطيرة لانتشار فيروس كوفيد 19 بالإدارة المركزية وباقي المحاكم المغربية، محذرا من خطورة الوضع الصحي لموظفي العدل، ومحملا الوزير محمد بنعبدالقادر كامل المسؤولية نتيجة قراراته، التي وصفوها بأنها "راكمت الفشل في تدبير جائحة كورونا قطاعيا"، مطالبا الوزير بالكشف عن أعداد الضحايا والمصابين بفيروس كوفيد 19 قطاعيا. هذا، واعتبر موظفو قطاع العدل أن الميزانية القطاعية لسنة المالية 2020 هي أسوأ ميزانية عرفها قطاع العدل عبر التاريخ، حيث أفاد في هذا الصدد محمد لطفي، الكاتب العام للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل، أن الأمر يتعلق بمجموعة نقط مهمة منها عدم استجابة الميزانية للانعكاس المالي لتصفية ملف حاملي الشهادات بصفة نهائية، وعدم تخصيص الاعتمادات المالية للرفع من تعويضات الحساب الخاص وفق المرسوم 500، وكذلك لباقي أطر هيئة كتابة الضبط. وأوضح الكاتب العام للنقابة في اتصال مع "أخبار اليوم" أن الميزانية القطاعية تحمل طابعا تقشفيا، ويمكن مقارنتها بهذا الغلاف المالي، مع الميزانيات القطاعية السابقة قبل تعيين الوزير الحالي، وهو ما سيؤثر على الاستجابة للحاجيات اللوجستيكية للإدارة القضائية، وبناء محاكم جديدة تليق بالسلطة القضائية، إضافة إلى العدد المحدود المتمثل في 146 منصبا ماليا مخصصا في ميزانية هذه السنة، وهو الرقم الذي يظل بعيدا جدا عن الخصاص الذي يتطلب أكثر من 1000 منصب مالي، مشددا على أن الميزانية كان عليها الأخذ بعين الاعتبار توفير الغلاف المالي لملاءمة النظام الأساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط مع النظام الأساسي الخاص بموظفي السلطة القضائية. وعقد المكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أول أمس الثلاثاء، اجتماعا طارئا على ضوء المستجدات التي يعرفها القطاع، بعد استهداف الوقفة السلمية، والتدخل الأمني لتفريق موظفي العدل المطالبين بحقهم في الالتحاق بأسرهم، حيث عبر عن أسفه لترسيم هذا التوجه في حل مشاكل الموظفين من خلال قمع كتاب الضبط والممرضين والأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، مسجلا أن الوزير عجز عن إعداد ميزانية تستجيب للحاجيات الأساسية لضمان استمرارية مرفق العدالة للسنة الثانية على التوالي، وهو ما يعيق تطور ونجاعة القضاء بالبلاد. وخلص اجتماع المكتب الوطني للنقابة، كما أورده في بيان له، إلى نقط متنوعة ضمنها رفض مشروع وزير العدل بملاءمة التنظيم القضائي لقرار المحكمة الدستورية رقم 19/89 دون أي نقاش مجتمعي، وفي استبعاد تام لممثلي موظفي هيئة كتابة الضبط، إذ حمله المكتب المسؤولية في كل ما ستؤول إليه الأوضاع جراء اختياره التعامل مع الأعيان، وتحويل القطاع إلى حقل لاجترار التجارب التي وصفها المكتب ب"الفاشلة" و"الاختيارات المصلحية الحزبية الضيقة"، بدل الاحتكام إلى القانون والرجوع لمأسسة الحوار القطاعي مع كل التمثيليات النقابية لحل المشاكل المطروحة في القطاع، مستغربا استبعاد الكتابة العامة كمؤسسة قائمة بذاتها ودورها المحوري في استمرارية مرفق الإدارة، وتحويل اختصاصاتها إلى أعضاء ديوانه فيما اعتبرته النقابة "سابقة خطيرة قطاعيا" أدت إلى شل وتعطيل الأجهزة المركزية للوزارة وارتكاب أخطاء قاتلة.