تصريحات مثيرة أدلى بها أحد المشتكين في ملف كازينو السعدي، صباح أمس أمس الخميس، خلال إدلائه بشهادته أمام غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في مراكش، فقد اتهم المستشار البرلماني وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، عبد اللطيف أبدوح، بأنه تلقى رشوة بملياري سنتيم من الشركة التي كانت تستغل الكازينو مقابل تفويته إليها بمبلغ لم يتجاوز 697 مليون سنتيم، في الوقت الذي سبق فيه لتقرير صادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، أن أكد بأن تفويت الكازينو لوحده كبّد بلدية "المنارة جليز"، التي ترأس أبدوح مجلسها بين 1997 و2003، خسارة وصلت إلى أكثر من 19 مليارا و300 مليون سنتيم، ناهيك عن أكثر من 27 مليار سنتيم أخرى ضاعت في تفويت أملاك جماعية أخرى لفنادق وخواص بأثمنة بخسة وفي أجواء غابت فيها الشفافية. وأضاف المشتكي "ل.أ"، الذي كانت المحكمة كلفت النيابة العامة بإحضاره عن طريق القوة العمومية، (أضاف) بأن أبدوح اقتسم مبلغ الرشوة المفترضة مع مسؤول إداري سابق بمراكش، دون أن يسلم أي مبالغ مالية لأعضاء المجلس الذين صوّتوا معه على مقرّر التفويت، وقد كان المشتكي، عند محاصرته بأسئلة المحكمة والنيابة العامة ودفاع المتهمين، يتذرع بإصابته بداء السكري، وبتقدمه في العمر لتبرير عدم تذكره لحيثيات وتفاصيل أخرى عن الملف. وتتطابق التصريحات الأخيرة للمشتكي، وهو عضو سابق بمجلس البلدية نفسها خلال الفترة الانتدابية المذكورة، مع شهادته أمام قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال، خلال مرحلة التحقيق الإعدادي، التي حدد فيها القيمة المالية ل "البَركة" التي وردت الإشارة إليها في شريط صوتي منسوب إلى أبدوح وبعض المتهمين، من أعضاء أغلبيته في المجلس البلدي، وهم يتداولون في شأن اقتسام رشوة يُشتبه في أنه تسلمها من الشركة المستغلة للكازينو، موضحا بأن الأعضاء الذين وعدهم أبدوح ب"البركة" كانوا يتهامسون حول رشوة بملياري سنتيم، زاعمين بأن مليارا واحدا كان لفائدة لرئيس المجلس والثاني لمسؤول إداري، كما سبق له، خلال مرحلة البحث التمهيدي، أن صرّح بأن مسؤولين كبارا كانوا على علم بالخروقات التي شابت التفويت، بل إنه قال إنهم كانوا على علم حتى بمفاوضات أبدوح وأغلبيته قبل التصويت على المقرر، محمّلا المسؤولية للوالي الأسبق لمراكش، "م.ح"، والرئيس السابق لقسم الجماعات المحلية بالولاية، "م. م"، فضلا عما اعتبره "مسؤولية ثابتة" للمدير السابق لمديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية "م.إ". غير أن نفي المشتكي، في جلسة أمس، تلقي المصوتين على التفويت أي رشوة مفترضة، يتناقض مع التصريحات التي أدلى بها في المرحلة الابتدائية من المحاكمة، إذ اتهم، خلال الجلسة الملتئمة بتاريخ 27 مارس من 2014، "ب. ب. ه "، ممثلة شركة "فيرماديتيم"، المستغلة للكازينو، بأنها هي التي دفعت لبعض المستشارين الجماعيين مبالغ مالية مقابل تصويتهم على التفويت، وأن رئيسا سابقا لمصلحة احتلال الملك العام بالبلدية هو الذي كان يفاوضها على ذلك. هذا وفي الوقت الذي دخل فيه ملف كازينو السعدي مراحله الأخيرة، بعدما قررت غرفة الجنايات الاستئنافية الشروع في المناقشة، تغيب المتهم الرئيس، المستشار البرلماني أبدوح، عن جلسة أمس، إذ أوضح دفاعه بأنه تعرّض لكسر على مستوى الكتف، مشيرا إلى أنه تقدم أمام كتابة الضبط بشهادة طبية، قبل أن يتدخل رئيس الغرفة، القاضي حسن عقيلة، ويكلف دفاعه بإحضاره للجلسة المقبلة المقررة بتاريخ الخميس 22 أكتوبر الجاري، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق المتهم، دون أن يحدد طبيعة هذه الإجراءات. وسبق لأبدوح أن تغيب عن ثلاث جلسات استئنافية سابقة، إذ سبق لدفاعه أن تخلف عن حضور الجلسة الملتئمة بتاريخ الخميس 6 أبريل من 2017، وقد تعهد خلالها محاموه بإحضاره للجلسة القادمة، التي انعقدت 15 يوما بعد ذلك (جلسة 20 أبريل من السنة نفسها)، غير أنه تغيب مجددا ليدلي دفاعه بشهادة طبية جديدة، كما تغيب عن الجلسة المنعقدة بتاريخ 13 يونيو من سنة 2019، بشهادة طبية مدتها 20 يوما مسلمة من طبيب عام. ولم يكن الوضع أفضل حالا خلال المحاكمة الابتدائية، فقد أدلى دفاع أبدوح بشهادات طبية لتبرير تغيبه عن ثلاث جلسات متتالية (بتواريخ 30 دجنبر 2014، 8 يناير 2015، و22 يناير 2015)، وهي الجلسات الثلاث الأخيرة التي سبقت الحكم الابتدائي الذي أدانه بخمس سنوات نافذة، وقد اعترض وقتها عن التأجيلات المذكورة ممثل الحق العام، القاضي الرّاحل عبد العزيز الراشدي بلحاج، معتبرا بأن الشهادات مجرد ذريعة لإماطة أمد المحاكمة. كما تغيب عن جلسة أمس متهم آخر، ويتعلق الأمر بالمقاول المتقاعد "ع.م"، (91 سنة)، المحكوم عليه ابتدائيا بثلاث سنوات نافذة لإدانته بجناية "الإرشاء"، وقد أدلى دفاعه بشهادة طبية، موضحا بأنه يعاني من أمراض مزمنة، مع التزامه بإحضاره للجلسة ال 50، التي من المقرر أن يتم تخصيصها للمرافعات. 6