بعد رفض تمتيعها بالسراح المؤقت مرتين متتاليتين، قضت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش، الثلاثاء الماضي، بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ ضد امرأة أوقفت، صباح الاثنين 13 يوليوز الجاري، خلال احتجاج ساكنة دوار "حاحة"، بمقاطعة "المنارة"، ضد انقطاع الماء الصالح للشرب. فرع "المنارة" للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أصدر بيانا، ساعات قليلة بعد صدور الحكم الابتدائي، دعا فيه إلى احترام حرية التعبير ووقف كل المتابعات القضائية بسبب التهمة الجاهزة: "إهانة موظف أثناء أدائه مهامه"، مطالبا بضمان حق الساكنة في الاحتجاج السلمي والاستماع لمطالبها، ومعالجتها بالحوار، وتمكين السكان من حقهم في الماء الصالح للشرب وكل متطلبات السكن اللائق والعيش الكريم. وأشارت الجمعية الحقوقية إلى أن المتظاهرة "ر.ع" أوقفت من طرف قائد الملحقة الإدارية "أسكجور"، الذي قال البيان إنه "احتجزها لمدة ست ساعات قبل تسليمها للشرطة"، ليجري وضعها تحت الحراسة النظرية، وتقدم أمام النيابة العامة، التي تابعتها في حالة اعتقال، قبل أن يُحكم عليها بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ، وتغادر سجن "الأوداية" بعد قضائها 15 يوما من الاعتقال الاحتياطي. واستغرقت المحاكمة ثلاث جلسات، إذ انعقدت الجلسة الأولى دقائق قليلة بعد انتهاء مسطرة تقديمها أمام أحد نواب وكيل الملك بابتدائية مراكش، بتاريخ الثلاثاء 14 يوليوز الحالي، وجرى تأجيلها لجلسة 21 من الشهر نفسه، استجابة من المحكمة لملتمس بالتأخير تقدّم به محاميها من أجل الاطلاع على وثائق الملف وإعداد الدفاع، ولم توافق الغرفة، خلال الجلستين المذكورتين، على ملتمس إخلاء سبيلها ومتابعتها في حالة سراح مؤقت، قبل أن يُناقش الملف خلال الجلسة الأخيرة، الملتئمة صباح الثلاثاء الماضي، التي انتهت بحجز المحكمة الملف للتأمل في آخر الجلسة، قبل أن تعود وتنطق بالحكم أول أمس نفسه. واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد تغيب قائد "أسكجور" عن الجلسات الثلاث للمحاكمة، رغم أنه هو الطرف المشتكي في الملف، والضحية المفترض لتهمة "إهانة موظف عمومي"، التي تتابع بها المتظاهرة، التي دخلت المحاكمة مؤازرة بمحاميين اثنين، بالإضافة إلى المحامي عبدالإله تاشفين، من هيئة مراكش، الذي انتدبه فرع "المنارة" للجمعية المغربية لحقوق الإنسان للدفاع عنها. وكان نائب وكيل الملك الذي استنطق المتظاهرة، ترك مهلة زمنية أمام عائلتها لإجراء صلح مع القائد الذي يتهمها ب"إهانته"، غير أن مصدرا حقوقيا أكد أن جميع محاولات إقناع القائد بالتنازل عن شكايته باءت الفشل، قبل أن يغلق هاتفه النقال ويتوارى عن الأنظار، لتنتهي مسطرة التقديم بإحالتها على المحاكمة في حالة اعتقال، ومتابعتها بجنح متعلقة ب "إهانة موظف عمومي أثناء قيامه بمهامه، وتصوير أشرطة لأشخاص بدون موافقتهم". هذا، وسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن أصدرت بيانا، مؤخرا، طالبت فيه بالإطلاق الفوري لسراح المتظاهرة، وهي مطلقة في ال 38 من عمرها وأم لأربعة أطفال، وأضاف البيان أنه وبدل وضع حد للعطش وتوفير الماء الشروب، باعتباره حقا غير قابل للتأجيل ومادة حيوية لا يمكن الاستغناء عنها، (بدلا من ذلك) "لجأت السلطات المحلية إلى أسلوبها المعتاد، معتمدة المقاربة الأمنية لإسكات المواطنات والمواطنين، متناسية أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش بدون ماء". ودعت الجمعية إلى الإسراع بتزويد سكان المنطقة بالماء الصالح للشرب، ومحاسبة ومحاكمة المسؤولين عن إخلالهم بواجباتهم تجاه الساكنة وتعريضها للعطش، مذكّرة بأنها دقت ناقوس الخطر أكثر من مرة في وجه المسؤولين، محذرة إياهم من أن مراكش ونواحيها مهددة بالعطش، خاصة بجماعات: حربيل، سْعادة، الأوداية، تامنصورت، سيدي الزوين، تملالت... وجددت مطالبها بمعالجة الإشكالية في عمقها، وضمان حق ساكنة هذه الجماعات في الماء الصالح للشرب وحمايتها من العطش.