يستمر موضوع منظمة العفو الدولية، وخلافها الأخير مع الدولة المغربية، في إثارة ردود فعل الوسط الحقوقي الذي نهض طيف واسع منه لموالاة المنظمة وإعلان التضامن معها. وبعد زيارات قامت بها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وشخصيات حقوقية إلى مقر «أمنيستي إنترناشيونال» بالرباط، تعبيرا عن الدعم والمساندة، خرجت مجموعة من الهيئات والأسماء الحقوقية ببيان مشترك ومفتوح للتوقيعات تعلن فيه دعمها للمنظمة، وتصف حملة السلطات ب«الحملة الشرسة» ضد منظمة غير حكومية. وجاء في البيان أن منظمة العفو الدولية «تتعرض لحملة شرسة من لدن السلطات المغربية، منذ أن نشرت تقريرا في 22 يونيو الماضي تضمن معطيات حول استخدام الدولة المغربية لبرمجيات إسرائيلية للتجسس على هاتف الصحافي عمر الراضي، الذي يتعرض بدوره لتحرشات وتضييقات من لدن السلطات منذ صدور هذا التقرير». وأكدت 26 هيئة وقعت على البيان، إضافة إلى أزيد من سبعين شخصية ذاتية، أن «من مظاهر هذه الحملة المستهدفة لهذه المنظمة الحقوقية الدولية صدور بيانات رسمية تهاجمها وسلسلة مقالات تشهير في صحف معروفة بقربها من السلطة، استهدفت هذه المنظمة، خاصة المدير العام لفرعها بالمغرب. وهو ما اعتبرته منظمة العفو الدولية مزاعم كاذبة موجهة ضدها في محاولة للتشكيك في «أبحاث حقوق الإنسان الراسخة التي كشفت النقاب عن سلسلة من حوادث للمراقبة غير القانونية باستخدام مجموعة «إن إس أو» الإسرائيلية، ما جعلها ترد على تلك الهجمات ببيانات توضيحية». وأضاف الموقعون على البيان، الذي مازالت لائحة التوقيع عليه مفتوحة، «إننا، بصفتنا جمعيات حقوقية ومدنية تشتغل في مجالات متنوعة، أمام هذه الحملة العنيفة ضد منظمة العفو الدولية، وحجم الهجمة التي تعرضت لها واستهدافها من لدن صحافة التشهير: نعبر عن تضامننا مع منظمة العفو الدولية ضد ما استهدفها من حملة تشهير، خاصة مدير فرعها بالمغرب، الصديق محمد السكتاوي؛ ونذكر أن منظمة العفو الدولية معروفة لدى القوى الوطنية والديمقراطية المغربية منذ عقود من الزمن، لما كان لها من دور أساسي في مساندة المعتقلين السياسيين ومؤازرة ضحايا التعذيب والاختطاف خلال سنوات الرصاص، وهي المساندة التي استمرت إلى اليوم». وفي الوقت الذي يستمر فيه التحقيق مع عمر الراضي في قضية لم تنته فيها بعد سلسلة التحقيقات، قالت السلطات إنها تتعلق باشتباه في «تلقي تمويلات من جهات أجنبية لها علاقة بجهات استخباراتية، مباشرة بعد صدور تقرير أمنيستي حول هاتفه، طالب أصحاب البيان بفتح «تحقيق موضوعي ومحايد في جميع حالات التجسس على النشطاء -خاصة منهم الذين أعلنوا تعرضهم له، وطالبوا بالتحقيق في حالاتهم- عوض انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام والهجوم على المنظمات التي تفضح هذه الانتهاكات ضد حقوق الإنسان»، معتبرين أن «منظمة العفو الدولية معترف لها عالميا بالكفاءة واحترامها شروط المهنية في تحرياتها بشأن أوضاع حقوق الإنسان، باعتمادها مبادئ الحياد والتجرد، ما مكنها من احترام وتقدير عالميين، وحظيت أبحاثها وتقاريرها باهتمام الحكومات التي تريد تحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلدانها، كما تعرضت للهجوم من الحكومات التي تمعن في مواصلة سياساتها المنتهكة لحقوق الإنسان». ودعا البيان كافة مكونات المجتمع المناصرة لحقوق الإنسان إلى تقوية التضامن مع كل الهيئات الحقوقية والمدنية «التي تتعرض للتضييق والحصار والتشهير، ومواجهة سياسات الرفض الممنهج لكل التقارير الحقوقية والإنكار لمضامينها وتخوين أصحابها، عوض الاهتمام بها والتحقيق في ما تتضمنه من انتهاكات، والعمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان». القضية التي وضعت علاقة المنظمة الدولية «أمنيستي» مع السلطات المغربية على صفيح ساخن، كانت بسبب تقرير لها نشرته منابر إعلامية دولية كثيرة يزعم تعرض هاتف الصحافي عمر الراضي للتجسس بتقنية بيغاسوس المملوكة لشركة «إن إس أو» الإسرائيلية، وهو ما نفته السلطات وتشبث به الراضي في ندوة صحافية نظمها، قال فيها إنه «منذ سنة 2011 والدولة تتجسس عليه» حينما ووجه لدى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بعدد هائل من الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية، حسب ما صرح به، وبلغ عدد الاستدعاءات للتحقيق التي تلقاها الراضي الاستدعاء العاشر الذي من المفترض أن يمثل بموجبه يوم الأربعاء 29 يوليوز أمام مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.