وضعت وزارة الداخلية رسميا نقطة نهاية للمسار السياسي لإلياس العماري، رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، والأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، بعدما وافق صناع القرار في أم الوزارات على استقالته المكتوبة، أول أمس الخميس، وإعلان شغور منصب رئيس جهة الشمال، وفتح الباب أمام مرشحين لخلافته، في الوقت الذي واصل العماري غيابه عن الأنظار منذ إعلانه الاستقالة، يوم السبت 28 شتنبر الماضي. ومباشرة بعد قرار وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت القاضي بمعاينة انقطاع إلياس العماري عن ممارسة مهامه، أعلن الوالي محمد امهيدية، عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، بداية من يوم أمس الجمعة 18 أكتوبر وإلى غاية يوم الثلاثاء المقبل 22 من الشهر نفسه. الملاحظ أن مراسلة وزارة الداخلية بإخبار بفتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس الجهة، لم تشر بصريح العبارة إلى الاستقالة الاختيارية لإلياس العماري، وهي إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 22 من القانون التنظيمي لمجالس الجهات، 111.14، بحيث تتمثل في أن ينقطع رئيس المجلس عن مزاولة مهامه إما بسبب الاستقالة الاختيارية، أو الإقالة التحكيمية، أو العزل، أو الإلغاء النهائي للانتخاب، أو الإقالة لأي سبب من الأسباب، أو التوقيف، أو الوفاة، أو الاعتقال لمدة تفوق ستة أشهر، أو الإدانة بحكم نهائي ينتج عنه عدم الأهلية الانتخابية، وإنما اكتفت بعبارة فضفاضة مفادها «معاينة وزارة الداخلية انقطاع السيد إلياس العماري عن مزاولة مهامه لرئيس مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة». ولوحظ أيضا أن وزارة الداخلية، تأخرت قليلا عن الإعلان عن شغور المنصب، لأكثر من 15 يوما منذ إعلان إلياس العماري، تقديم استقالته، وهو ما ترك الوضع غامضا حول مستقبل مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، حتى بين مقربين منه، ووسط نوابه وحلفائه في الأغلبية، حيث كانت «أخبار اليوم» تواصلت معهم صباح أمس الخميس، فلم تجد لدى أحدهم أية معطيات مضبوطة. في السياق نفسه، وعقب إعلان الداخلية رسميا عن شغور المنصب، بعث محمد سعود، النائب الأول لرئيس الجهة، بلاغا إخباريا لأعضاء المجلس، يخبرهم من خلاله عن تأجيل دورة أكتوبر، والتي كانت مقررة مساء أمس الجمعة في جلستها الثانية، بسبب تداعيات استقالة إلياس العماري، والتي تجعله هو ونوابه في وضعية تصريف الأعمال إلى غاية انتخاب رئيس ومكتب جديدين، وذلك طبقا لأحكام المادة 64، من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، بعد تأكيد استقالة من منصب رئاسة الجهة. وأضاف بلاغ النائب الأول أن تدبير شؤون مجلس الجهة ابتداء من أمس الجمعة وإلى غاية انتخاب رئيس ومكتب جديدين لمجلس الجهة يطبق عليه الفصل 64 من القانون التنظيمي للجهات، والتي لا يدخل في نطاقها عقد دورة لمناقشة مشروع الميزانية والمصادقة عليه، وذلك إلى حين انتخاب رئيس ومكتب جديدين للجهة ليكون التداول في نقط جدول الأعمال صحيحا، وفق منطوق الفصل 45 من القانون التنظيمي للجهات والجماعات. بلغة الأرقام، يتصدر حزب الأصالة والمعاصرة عدد مقاعد أعضاء مجلس الجهة ب18 مقعدا، يليه العدالة والتنمية ب 16 مقعدا، ثم التجمع الوطني للأحرار بثمانية مقاعد، وحزب الاستقلال بسبعة مقاعد، والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكي مجتمعين بثمانية مقاعد، وأخيرا الاتحاد الاشتراكي والدستوري يقتسمون فريقا يتكون من ستة مقاعد. حسابيا إذا استمر تحالف الأغلبية الحالية على حاله، سيبقى حزب العدالة والتنمية الذي لم يحدد موقفه بعد مما يجري، وحيدا في المعارضة، حيث يرتقب أن يجتمع فريق البيجيدي بهياكله على مستوى الكتابة الجهوية يوم غد الأحد، وفق ما أكده مصدر حزبي من المصباح ل «أخبار اليوم»، لمدارسة إمكانية تقديم منافس للسباق نحو رئاسة الجهة التي كانوا خسروها في معركة 2015 مع إلياس العماري الذي كان حينئذ مستقويا بنفوذه. منذ ذلك التاريخ وإلى غاية اليوم، تغيرت معطيات كثيرة في المشهد السياسي ومواقع الأحزاب في الخريطة الانتخابية، لعل أبرزها أفول حزب الأصالة والمعاصرة كقوة مهيمنة وبروز التجمع الوطني للأحرار بديلا له، وهي النقطة التي يعول عليها حزب الحمامة للدفع بواحد من أعضائه للتباري حول منصب رئيس الجهة، وفي الغالب سيكون اسم امرأة هي سلوى الدمناتي، رئيسة لجنة التعاون والشراكة ومغاربة العالم. لكن المشكلة عند حزب الأصالة والمعاصرة، هي غياب اسم توافقي بسبب الصراع التنظيمي داخل هياكل البام، وأيضا بسبب رفض محمد بودرا، رئيس جماعة الحسيمة خلافة إلياس العماري، ووجود اعتراضات على اسم البرلماني أحمد التهامي، الموالي لتيار حكيم بنشماس، وهو ما فتح الباب لاحتمال وقوع مفاجآت في ملامح مشهد رئاسة مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، قد تتمثل في الدفع بوجه نسائي لأول مرة في تاريخ مجالس الجهات، إذ يروج في الكواليس أن أحمد الدريسي، مهندس الخرائط الانتخابية للبام، يدفع بقوة بالمستشارة فاطمة الحساني، نائبة رئيس اللجنة التحضيرية لتيار المستقبل داخل حزب الأصالة والمعاصرة. ويظهر أن حسابات اختيار مجلس مسير جديد لمجلس جهة الشمال، لن يكون عسيرا في ظل تأكيد رئيس فريق حزبي التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال، تفضيلهما الاستمرار بنفس التركيبة السياسية، إذا ما تمكن البام من تبديد خلافاته الداخلية واختيار مرشح توافقي يرضي كافة الأطراف، تؤكد مصادر الجريدة.