بعد أكثر من ثلاث سنوات على إضراب استمر أسبوعين، نظم جزّارون بمراكش وقفة احتجاجية، صباح أول أمس الاثنين، تنديدا بقرار إغلاق مجزرة «عين يطي» الجماعية بسبب عدم توفرها على معايير السلامة الصحية التي يعتمدها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) في الترخيص للمجازر العمومية والخاصة. المتظاهرون يقولون إن القرار الذي اتخذته السلطات، بناءً على تقرير «أونسا»، لم يتم إشعارهم به قبل تنفيذه، موضحين بأنهم التحقوا بالمجزرة، الواقعة بالمجال الترابي لمقاطعة «النخيل»، في الساعات الأولى من صباح أول أمس، وقاموا بذبح مواشيهم، قبل أن يفاجؤوا بعدم التحاق الطبيب البيطري بعمله للتأشير على الذبائح من أجل توزيعها، وهو ما يقولون إنه تسبب لهم في خسائر مادية، خاصة وأن المجزرة لا تتوفر على ثلاجات لحفظ اللحوم. وإذا كان مصدر من «أونسا»، التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، أكد بأن المكتب سبق له أن راسل ولاية الجهة وجماعة مراكش بشأن قراره بوقف مهمة الطبيب التابع له بمجزرة «عين يطي»، ابتداءً من فاتح أبريل الجاري، فإن الجزّارين يشتكون من أنهم وُضعوا أمام الأمر الواقع لإرغامهم على الالتحاق بمجزرة «دوار العسكر»، دون أن تتوفر لهم شروط وتجهيزات العمل بها، خاصة وأنهم يتخوفون من الاصطدام بالجزّارين العاملين بها. وفي اتصال برئيس مجلس مقاطعة «النخيل»، يوسف آيت رياض، أكد بأن لجنة مشتركة، تمثل الإدارية الترابية والمصالح الجماعية، وبتنسيق مع الجمعيات المهنية، تمكنت من الإشراف على انتقال مهنيي «عين يطي» إلى مجزرة «دوار العسكر»، وهي العملية التي قال إنها استمرت حتى حدود الساعة الثالثة من صباح أمس الثلاثاء، بعد أن تم تخصيص قاعة لهم هناك، وتوفير تجهيزات ووسائل العمل لهم بها. وكانت مراكش شهدت أزمة في تزويد ساكنتها باللحوم، في فبراير من 2016، على خلفية الإضراب الذي نظمه جزارو المدينة، احتجاجا ضد قرار منعهم من تزويد الفنادق المصنفة والمطاعم والمؤسسات العمومية باللحوم المذبوحة بمجزرتيها الجماعيتين، وهو القرار الذي اتخذته السلطات المحلية، بناءً على مراسلة من «أونسا»، واستثنى محلات الجزارة المنتشرة في أحياء المدينة، التي يبدو بأنها لم تكن معنية بمعايير السلامة الصحية، في الوقت الذي اعتمدت فيه الفنادق والأسواق الممتازة في تزويدها باللحوم، وقتئذ، على مجزرتين خاصتين محليتين، وعلى اللحوم القادمة من الدارالبيضاء وأكَادير. وقد حمّل «أونسا» جماعة مراكش مسؤولية الأزمة، موضحا، خلال سابق جمعهم بفرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بأن المجلس الجماعي السابق تأخر، لمدة تجاوزت أربع سنوات، في إصلاح المجزرتين العموميتين، دون أن يكترث لأكثر من مراسلة توصل بها من المكتب، طالبه فيها بتأهيل المرفقين، اللذين يجزم مسؤولو «أونسا» بأنهما لا يستجيبان لدفتر التحملات المشترك بين وزارتي الفلاحة والداخلية، المتعلق بالشروط التي تؤهل المجازر لتصبح معتمدة من طرف المكتب. من جهتها، وصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قرار «أونسا» بمنع تسويق اللحوم المذبوحة بمجزرتي مراكش بالفنادق المصنفة ضمن فئة 4 و5 نجوم، والسماح بذلك في محلات الجزارة المحلية المنتشرة بأحياء المدينة، (وصفته) ب»الإجراء التمييزي»، ودعت المكتب، خلال اللقاء نفسه، إلى اعتماد معايير واحدة في حماية حق جميع المواطنين، وعلى قدم المساواة، في سلامتهم الصحية. وإذا كانت الجمعية حمّلت، بدورها، الجماعة مسؤولية عدم إصلاح المجزرتين، فإنها حمّلت، أيضا، وزارة الفلاحة مسوؤلية عدم المساهمة في تأهيل القطاع على المستوى العمومي، واكتفائها بدعم مقاولات خاصة، في إطار برنامج المغرب الأخضر، لافتة، في هذا الصدد، إلى أن المجازر المعتمدة حاليا من طرف «أونسا» كلها مجازر في ملكية خواص، باستثناء واحدة تابعة لجماعة حضرية. هذا، وكان تقرير سابق صادر عن المجلس الأعلى للحسابات أكد بأن المجزرة الجماعية الرسمية بمراكش تنتفي فيها العديد من المعايير الصحية، كعدم معالجة الدماء المترتبة عن عمليات الذبح، وعدم استجابة عملية إتلاف اللحوم الفاسدة أو المصابة ببعض الأمراض أو المحجوزة في التصدي للذبيحة السرية لمعايير المحافظة على الصحة والسلامة، حيث يتم رش تلك اللحوم بمبيد سائل وتُرمى في مطرح النفايات، عوض توفير فرن خاص لإتلافها أو طمرها، وذلك حتى لا تؤثر سلبيا على البيئة وصحة الإنسان. وسجل التقرير استغلال المجزرة من طرف العديد من الأشخاص لإعداد اللحوم المفرومة، في غياب أي ترخيص بذلك، حيث يقومون بفصل العظام عن اللحوم ويرمونها بأحد المواقع داخل المجزرة، بحيث تضطر الجماعة لتحمل مصاريف نقل هذه المخلفات، ناهيك عن تسبب ذلك في انتشار الأزبال والروائح الكريهة. وأشار، أيضا، إلى العديد من الاختلالات المتعلقة بتدبير هذا المرفق الجماعي، كعدم قيام الجماعة بتدبير مرفق نقل اللحوم، وتنازلها عنه لصالح جمعية الجزّارين، بدعوى عدم تقديم أي عرض للحصول على هذا الامتياز، دون احترام الشروط والإجراءات القانونية، وفي غياب أي وثيقة أو اتفاقية تسمح للجمعية المذكورة بتدبير هذا المرفق، علما بأن «الجمعية تنقل اللحوم باستعمال سيارات دون أن تحصل على ترخيص من لدن من مصالح الجماعة، وفي انتفاء لأدنى مراقبة»، يقول التقرير، الذي أشار إلى أن إدارة المجزرة لا تتوفر على ملفات الجزارين، الذين لا يصرّحون بالمستخدمين الذين يعملون لديهم، وكذا عدم توفر الموظفين والأعوان على البطائق الصحية، وغياب التأمين عن المخاطر، وغياب المراقبة بمصلحة الميزان، حيث يكتفي الموظفون المكلفون باحتساب الرسوم المفروضة على عمليات الذبح بتسجيل الأوزان عن طريق العين المجردة، في غياب الوسائل التقنية الكفيلة بذلك، وهو ما يعرقل عملية ضبط عدد ووزن الذبائح.