منذ اعتقال توفيق بوعشرين في 23 فبراير 2018، لم يكف محاموه وأصدقاؤه وعائلته عن المطالبة بالمحاكمة العادلة له في ملف يلفه الكثير من الالتباس والحسابات. ومن المعطيات الجديدة التي كشفها لأول مرة الصحافي المعروف، حميد برادة، أنه تلقى رسالة من أسماء الموساوي، زوجة بوعشرين، بضعة أشهر قبل صدور الحكم الابتدائي ضده ب12 سنة سجنا، تطلب منه أن يُوصِلها إلى عبدالرحمان اليوسفي، الوزير الأول السابق، والقيادي الاتحادي. برادة قال ل”أخبار اليوم”، إن زوجة بوعشرين سمحت له بالإطلاع على فحواها، وتبين له أنها “رسالة معتدلة ومؤثرة ومعقولة من حيث المضمون، تطالب بالمحاكمة العادلة وتطلب أن يصل طلبها إلى المسؤولين”. سلم برادة الرسالة لليوسفي، الذي “اتصل بعد يوم واحد من تلقيها بأحد مستشاري الملك، الذي التقاه في بيت الأستاذ فتح الله ولعلو بالرباط وسلمه الرسالة”. ويعلق برادة أنه فوجِئ “بالإسراع والرصانة التي تفاعل بها السي عبدالرحمان”، مضيفا “لقد اتصل بي ليبلغني بما قام به.. التقيته الجمعة، وفِي يوم الاثنين اتصل بي ليبلغني أنه أوصل الرسالة”. وبخصوص موقفه من تطورات الأوضاع السياسية في المغرب يرى برادة أن “وضع المغرب إيجابي”، مشيرا إلى مقال الصحافي الفرنسي “فرانسوا سودان” الأخير في مجلة “جون أفريك”، الذي قال عنه “يمكنني أن اعتبره بشيء من المبالغة مقالا “تاريخيا”، لأنه “يغير الصورة العامة التي تُرسم عن المغرب في الخارج وتؤثر على المغاربة”، فهو يعطي “نظرة عامة عن الإيجابيات العديدة والكثيرة التي راكمها المغرب”. لكن بالمقابل، عبر برادة عن امتعاضه من القضاء، قائلا: “يجب أن نقول صراحة إن هناك انحرافات سلطوية في القضاء”، ويتجلى ذلك في قضيتين: الأولى قضية “محاكمة ناصر الزفزافي ورفاقه”، والثانية قضية محاكمة “الزميل توفيق بوعشرين”. وشدد برادة على أنه يبدو واضحا، على أن قرار القضاء في الملفين “تجاوز كل منطق معقول وكل نظرة معقولة”، وأنه “من البديهي أن هناك مبالغةً، وهذا ما أقصده بالانحراف”. وبخصوص قضية بوعشرين على الخصوص، قال برادة: “أحمد الله لأنه لازال في مجتمعنا السياسي شخصيات أمثال امحمد الخليفة وإسماعيل العلوي وابن سعيد أيت يدر، الذين انتقدوا هذه المحاكمة”، مضيفا أن هناك شخصا رابعا يمكن أن يُضاف إلى القائمة رغم أنه تدخل في ملف بوعشرين بعيدا عن الأضواء”، وهو عبدالرحمان اليوسفي، ومن هنا كشف برادة الدور الذي قام به اليوسفي في قضية بوعشرين بعيدا عن الأضواء. ويؤكد برادة أن موقف اليوسفي في الدفاع عن حرية الصحافة والصحافيين “ليس فيه تردد”، بل إنه قال “يمكنني أن أشهد أنه إذا كان هناك أحد يدافع عن الصحافة، فهو عبدالرحمان اليوسفي”. وذكر قصة، ربما، غير معروفة، وهي أنه لما غادر الصحافي رشيد نيني السجن، بعد قضائه لسنة حبسا، طلب لقاءً مع اليوسفي وأتى لزيارته في بيته، فقال له عبدالرحمان “أنت آخر صحافي يدخل السجن، وأنا أول صحافي دخل السجن”، مشيرا إلى سجنه في أواخر الخمسينيات في الأيام الأولى للاستقلال في عهد حكومة عبدالله إبراهيم بسبب عبارة كتبها: “الحكومة مسؤولة أمام الشعب”، ما أدى إلى اعتقاله. وأثناء اجتماع، يروي برادة، سأل الملك محمد الخامس رئيس الحكومة عبدالله إبراهيم “أنت مسؤول أمام من؟ فرد قائلا: “أنا مسؤول أمام سيدنا نصره الله”. وهكذا “لم يجرأ عبدالله إبراهيم أن يساند اليوسفي في هذا الموقف”. وخلال مفاوضات حكومة التناوب “لم يقبل اليوسفي تشكيل الحكومة إلا بعدما تم تعديل الدستور والتنصيص على نقطة مهمة، وهي أن “الحكومة مسؤولة أمام البرلمان وأمام الملك”، أي مسؤولية مزدوجة. وانطلاقا من ذلك، يؤكد برادة ل”أخبار اليوم”، أن موقف عبدالرحمان اليوم، “ليس فيه تردد أو شك في الدفاع عن حرية الصحافة والدفاع عن الصحافيين”.