في الوقت الذي يعيش فيه ملف الهجرة بالمغرب تحولات متسارعة، تواصل جمعيات المجتمع المدني توجيه أصابع الاتهام للسلطات بترحيل بعض المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم بشكل قسري، بينما تنفي الجهات الرسمية ذلك. مجموعة مناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق المهاجرين والأجانب، اتهمت السلطات بترحيل مهاجر كاميروني، أول أمس، على متن رحلة جوية من مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، فيما بقيت زوجته وطفلاه بالمغرب. وتم الاحتفاظ بالمواطن الكاميروني منذ 17 شتنبر الماضي في مخفر الشرطة المركزي بمدينة طنجة، بحسب بلاغ للجمعية، توصلت “أخبار اليوم” بنسخة منه، مضيفا أن “يوم الأربعاء 17 أكتوبر تم عزل المعني بالأمر عن رفاقه وتم نقله إلى مطار محمد الخامس من الدارالبيضاء”، فيما أكد مصدر من الجمعية ل”أخبار اليوم” أن المواطن الكاميروني وصل بالفعل إلى بلده الأصلي. المصدر ذاته قال إن المعني بالأمر رفض لأزيد من مرة العودة الطوعية إلى بلاده، “وبالرغم من ذلك تم اقتياده بالقوة إلى المطار”، موضحا أنه الوحيد الذي كان يعيل أسرته الصغيرة التي تعيش بمدينة مكناس. واعتبرت جمعية “كاديم”، أن هذا الحادث ليس معزولا، بل يأتي في سياق ما اعتبرته تصاعدا لسوء المعاملة والعنف ضد الأجانب ذوي البشرة السوداء، في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لاستضافة النسخة 11 للمنتدى العالمي الهجرة والتنمية والمؤتمر الدولي حول الهجرة 2018. وأدانت الجمعية ممارسة الترحيل القسري المستمر، وهاجمت ما سمته “العودة الطوعية المزعومة”، التي تتكلف بها السلطات المغربية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة. وخلق موضوع الترحيل القسري للمهاجرين جدلا طيلة الأسابيع الماضية، إذ ذهب تقرير أصدرته جمعية “كاديم” مؤخرا إلى أن 89 شخصا تم ترحيلهم من المغرب بشكل قسري بين شتنبر وبداية أكتوبر، فيما تم ترحيل حوالي 6500 من مدن الشمال إلى الجنوب خلال الأشهر الأخيرة. غير أن الجهات الرسمية تنفي ذلك. فخلاله حلوله ضيفا على برنامج “حديث مع الصحافة”، الذي تبثه القناة الثانية، انتقد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جمعية “كاديم” ونفى أن تكون هناك حالات للترحيل القسري للمهاجرين صوب بلدانهم الأصلية. وقال اليزمي إن ترحيل بعض المهاجرين يتم بشكل طوعي بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، مضيفا أنه لم يطلع على أية شهادات تثبت الترحيل القسري، الشيء الذي خلق جدلا بينه وبين جمعية “كاديم” التي نشرت تقريرا مفصلا، حصرت فيه عدد هذه الحالات في 86، وتوصلت بشهادات تثبت ذلك. واعتبر اليزمي أن هناك تغيرا أساسيا حدث سنة 2018 في طرق الهجرة السرية وأنشطة عصابات الاتجار في البشر. فالعبور إلى أوروبا عن طريق ليبيا لم يعد كما كان في السابق، الشيء الذي جعل الضغط يزداد على المغرب، وهو ما تؤكده أعداد المهاجرين السريين الذين وصلوا إلى إسبانيا سنة 2018، الذي يبقى مرتفعا مقارنة مع نظرائهم الذين وصلوا إلى إيطاليا خلال نفس المدة. وذهب اليزمي إلى أن بعض الأصوات الحقوقية في المغرب، في إشارة إلى الجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين، مع الحرية الكاملة في التنقل والاستقرار، الشيء الذي يراه غير مناسب، مدافعا عن حق الحكومة في حماية حدودها