أصدرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة تقريرا صادما، تطرقت فيه إلى واقع تزويد المستشفيات المغربية بالأدوية، وما يشوب ذلك من عمليات فساد كبيرة، مع الترويج لأدوية مغشوشة، أو منتهية الصلاحية، تهدد صحة المواطنين. وذكر التقرر، الذي توصل "اليوم 24" بنسخة منه، أن مختلف المستشفيات المغربية تعاني نقصا حادا في بعض الأدوية، ونفاذ "المخزون الاستراتيجي، والاحتياطي في عدة أنواع من الأدوية، والأمصال، واللقاحات ضد الفيروسات والأوبئة، كالتهاب السحايا والحمى الشوكية، وفيروس الكبد، ومحاليل لغسيل الكلي، والأطفال حديثي الولادة، والأمصال ضد تسممات الأفاعي والعقارب". وقال التقرير إنه، على الرغم من ارتفاع ميزانية الأدوية في وزارة الصحة من 800 مليون إلى 2.2 مليار درهم، فإن ذلك لم ينعكس إيجابا على الوضع الدوائي في المستشفيات، التي يعاني عدد منها من اختفاء بعض الأدوية بما فيها تلك المتعلقة بالمستشفيات، مشيرا إلى أن أغلب المديريات الجهوية لم تتوصل، خلال الخمس سنوات الماضية، بحصصها المبرمجة من الأدوية إلا عبر "التقطير الفلاحي"، حسب وصفه. وأشار التقرير ذاته إلى أن أطنانا من الأدوية تتعرض للتلف بسبب إخضاعها للتخزين الطويل الأمد، ولا يتم إرسالها إلى المستشفيات إلا بعد أن يقترب تاريخ نهاية صلاحيتها، بحجة عدم توفر وسائل النقل، ليكون مصيرها النفيات الطبية بعد شهور قليلة جدا. ودعا التقرير إلى فتح تحقيق شامل، واجلاء الحقيقية حول مصير هذه الأموال، التي خصصتها الدولة لنفقات الأدوية، في حين يحرم منها المرضى الفقراء، الذين يؤدون من جيوبهم تكاليف العلاج، والأدوية بنسب تتراوح ما بين 50 و76 في المائة، على الرغم من توفرهم على بطاقة الراميد. كما نبهت الوثيقة ذاتها إلى استمرار تزويد المستشفيات العمومية بأدوية، منع بيعها للعموم، وسحبت من السوق الوطنية، والصيدليات، وظلت في رفوف صيدليات المؤسسات الاستشفائية العمومية. وقال التقرير نفسه إن عددا من الأسباب تقف وراء هذا الوضع المأزوم في السياسة الدوائية، أهمها ما أسماه باللوبي الدوائي، الذي اتهمه التقرير بالإقدام على ممارسة المضاربة، والاحتكار، والصفقات المشبوهة في القطاع، وكذا "فرض أحكامه، وسيطرته على مجال الأدوية في المغرب، توجيها وتدبيرا، وتحديدا للأسعار وفق مقاربة، ومعايير خاصة به، من خلال فرض أسعار خيالية أو خلق حالة النقص والنفاذ، كلما ازداد الطلب حتى تظل أسعار الأدوية مرتفعة". كما وجه التقرير ذاته اتهاما إلى عدد من الشركات "المحظوظة" بمراكمة أرباح خيالية، من خلال التوقف عن انتاج بعض الأدوية محليا، و"التوجه نحو استيراد كميات هائلة من الأدوية، جنيسة أو أصيلة، وبأسعار زهيدة جدا، خصوصا من الهند، والصين، ليتم بيعها بأسعار مضاعفة في المغرب بطرق ملتوية، وبتواطئي من مديرية الأدوية ضدا على قانون تحديد الأسعار". ودعا التقرير نفسه إلى ضرورة إنشاء مخزونات استراتيجية من الأدوية، والمستلزمات الطبية، وإحداث نظام شفاف لتمويلها، وتوزيعها، وتدبيرها، ويتعلق الأمر بمخزون الدولة الاستراتيجي، والأمني للدواء. وطالب التقرير ذاته بإعلان الحرب على الأدوية المغشوشة، والمزيفة، والمنتهية الصلاحية، والمهربة لما أصبحت تمثله الظاهرة من أضرار سلبية على صحة المرضى، وسلامة المجتمع، ومراجعة أسعار كل الأدوية، التي تبين أنها مرتفعة، وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة على الأدوية لتحقيق مبدأ عالمي صفر ضريبة على الأدوية.