بنتيجة كاسحة، منح أعضاء المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية، فجر اليوم الأحد، تمديدا لأمينهم العام نبيل بنعبدالله للاستمرار في تقلد مسؤولياته على رأس الحزب لولاية ثالثة. وجاءت هذه النتائج على خلاف ما ذهبت إليه توقعات سابقة للبعض بأن بنعبدالله سيلقى مصير حليفه الحكومي السابق عبد الإله بن كيران، الذي أزيح من قيادة حزب العدالة والتنمية بعد الإطاحة به من رئاسة الحكومة. وعلى الرغم مما تلقاه حزب "الكتاب" من ضربات قوية، خلال السنوات الأخيرة، من ولاية بنعبدالله الثانية، خصوصا طريقة الإطاحة به رفقة اثنين من وزراء الحزب من الحكومة على إثر ما سمي ب"الزلزال السياسي"، وما أثير قبل ذلك من وجود غضبة ملكية على شخص بنعبدالله، إثر تصريحاته عشية انتخابات 2016 حول التحكم، فإن هذا الأخير تمكن من حصد 371 صوتا (80 في المائة) من بين أصوات أعضاء اللجنة المركزية للحزب مقابل 92 فقط لمنافسه سعيد فكاك. وتعليقا على هذه النتائج، اعتبر المحلل السياسي عبد الرحيم العلام، أن الأمر يعكس شعورا لدى قواعد الحزب بأن هذا الأخير تعرض للتضييق بسبب تصريحات أمينه العام، وأن إعادة انتخابه للمرة الثالثة يشكل تزكية له، ورفضا للطريقة، التي "أخرج بها من الحكومة، وكذا الردود على تصريحه بخصوص التحكم". أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض، اعتبر، أيضا، في حديث مع "اليوم 24″، أن بنعبدالله استفاد من المناخ السائد، حاليا، في سياق الاحتجاجات الشعبية على غلاء الأسعار، والمقاطعة، إذ ساهمت مواقفه الإيجابية من الحملة في حصده لمزيد من الأصوات، خلافا لمنافسه فكاك، الذي "راهن على الصمت إزاء الموضوع".. "وهو ما فهم على أنه ربما مرشح ممثل للسلطة"، يضيف المتحدث. وفي السياق ذاته، أشار العلام إلى أن القواعد الحزبية تتأثر بشكل عكسي بارتفاع التوجه السلطوي، وأن الذي يعزف على نغمة الشارع، يفوز على اعتبار أن القواعد قادمة من الأحياء الشعبية، والمدن والمناطق البعيدة". واعتبر العلام أن النتيجة تفسرها، أيضا، المرافعة، التي قام بها بن عبدالله، والتي نفى فيها أن يكون قربه من ابن كيران هو السبب في تراجع شعبية حزبه، وأن السبب في هذا المعطى الأخير هو استعمال التزوير، والمال الحرام في الانتخابات، ما مكن بنعبد الله "من إقناع المؤتمرين بأن السبب هو أسباب أخرى غير تلك، التي يتم ترويجها في الصحف، أو في الكواليس الحزبية". وعن توجهات التقدم والاشتراكية بعد مؤتمره الأخير، اعتبر العلام أن بنعبد الله سيركز في المرحلة المقبلة على إعادة بناء، وتقوية الحزب، وتطويره، نافيا أن يكون هناك أي تأثير مباشر على عمل وزرائه في الحكومة، لأن موقعه داخل الحكومة ضعيف، كما أنه لا يتمثل إلا بثلاثة أسماء، حسب قوله. ورأى بنعبدالله أن حزب الكتاب قد يتخذ مسافة مع الحكومة بشكل عام بعد مؤتمره الأخير، على الرغم من استمرار مشاركته فيها، متوقعا أن يكون الأمر على طريقة حزب العدالة والتنمية في المرحلة السابقة في علاقته بالحكومة، وذلك بالتوجه بعدم دعمها في كل الملفات، والاعتراض على مجموعة من القرارات، التي قد تتخذها. وكان بنعبد الله قد رفض، في كلمته خلال المؤتمر المذكور، ما اعتبره سعيا إلى تبخيس العمل السياسي، والحزبي، و"محاولة حشر الأحزاب في زوايا ضيقة، والتدخل في شؤونها بغاية سلب إراداتها، وتقديمها بشكل غريب ومبتذل، كما لو أنها مسؤولةٌ عن كل السلبيات، والانحرافات المجتمعية"، وفق تعبيره. كما انتقد المتحدث ما اعتبره تحاملا على الحزب، مشددا على أنه لم يقع في أي انحراف عن منهجه، ومؤكدا أنه لم يتخذ أي قرار حكومي في عهد رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، كان فيه مساس بالتوجه التقدمي، والديمقراطي، والتحديثي، حسب تعبيره.