"من يبخس عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان إما جبهة البوليساريو أو أنصارها في الداخل"، كلمات ثقيلة نطق بها محمد الصبار، الأمين العام للمجلس، أول أمس في ندوة بسلا، ردّا على انتقادات شكّكت في استقلالية المجلس بسبب "تقاعسه عن حماية حقوق الإنسان". ففي ندوة دعت إليها مؤسسة الفقيه التطواني بسلا، أول أمس، واستضافت فيها الصبار وحقوقيين آخرين، انتقد الحقوقي والرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، محمد الزهاري، دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤكدا أنه "مؤسسة وطنية فاشلة بجميع المقاييس"، لأنه "يتجنب في كثير من الحالات الكشف عن الحقيقة". ومن بين تلك الحالات، بحسب الزهاري، واقعة وفاة كمال عماري سنة 2011 خلال تدخل أمني ضد وقفة احتجاجية في آسفي، بحيث اعتبر المتحدث أن "تقرير المجلس تجنب القول إن العماري توفي نتيجة الاستعمال المفرط للقوة، لقد أراد إبعاد المتابعة القضائية للجناة". وأضاف الزهاري "كلما كانت هناك قضايا تتورط فيها أجهزة معينة، نجد أن المجلس الوطني يتجنب الخوض فيها". وتطرق الزهاري إلى الحالة التي تتعلق بتقرير الأطباء الشرعيين حول مزاعم تعذيب معتقلي حراك الريف، ومنهم ناصر الزفزافي، وكيف أن التقرير الطبي أكد وجود تعذيب، لكن دور المجلس في تفعيل ما يترتب على ذلك التقرير كان باهتا. وردّ محمد الصبار بشكل مباشر على الحقوقي محمد الزهاري موجها له الكلام التالي "السي الزهاري كنت أعرف مسبقا ماذا ستقول، يجب ألا تنسى أنه كان للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ممثلا في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمدة 20 عاما، سواء في طبعته الأولى على عهد إدريس البصري، أو في طبعته الثانية". وأضاف "حينما تقول لي إن المجلس الوطني مؤسسة وطنية غير مستقلة، فأنا أطلب منك مثالا واحدا على ذلك، وليس أكثر يثبت أننا سعينا إلى تضليل العدالة وحقوق الإنسان، أو أنه لا يتلاءم مع معايير حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دوليا". وفي عبارات قوية أغضبت الزهاري وآخرين، قال الصبار إن "المجلس الوطني يصنف ضمن الدرجة الأولى في محاضر اللجنة الفرعية المنبثقة عن التحالف الدولي لحقوق الإنسان (يضم المؤسسات الوطنية التي تعمل وفق مبادئ باريس)، فقد اعتبره من أنشط المؤسسات الوطنية عبر العالم"، مشيرا إلى أن "الذين يبخسون عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان هم إما جبهة البوليساريو أو أنصارها في الداخل، لأنهم أدركوا أن هذا المجلس بإمكانياته المحدودة أفشل مناورة توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، ولأنه مؤسسة تم ذكرها حوالي 12 مرة في أحد تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يقدم لمجلس الأمن في أبريل من كل سنة، وأتحدى أي كان أن يقول إنه مؤسسة غير مستقلة". ودافع الصبار بقوة عن واقع حقوق الإنسان بالمغرب، منتقدا التقارير الدولية التي تصدر في هذا الاتجاه، وقال للحضور إن المغرب قطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأتحدى أيّا كان أن يعرض عليّ حالة واحدة تعرضت للاختطاف منذ سنة 2003 إلى الآن"، قبل أن يعدّد أهم الأوراش التي تحققت طوال العشرية الأخيرة قائلا: "إن مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمس". وكانت تقارير منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، التي صدرت في فبراير الماضي، قد وجّهت انتقادات قوية لواقع حقوق الإنسان في المغرب، حيث سجّلت وجود استهداف للصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، كما سجّلت عودة الانتهاكات فيما يخص تعامل الدولة مع التظاهرات والاحتجاجات، والاعتقال العشوائي للمئات من المحتجين، وإخضاع بعضهم ل"محاكمات جائرة". وهي الانتقادات التي ترفضها طبعا المؤسسات الرسمية، ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.