بعد أزيد من شهر ونص على اندلاع المظاهرات في مدينة جرادة، والتي انطلقت في البداية احتجاجا على فواتير الماء والكهرباء، وأججها سقوط ضحايا في آبار الفحم الحجري، قدمت عمالة المدينة، بعد ظهر اليوم الإثنين، العرض الحكومي النهائي لأهالي المدينة، والذي يضم 47 تعهدا حكوميا، تم التوصل إليها بعد زيارة الوفد الحكومي لجهة الشرق. رفض مطلب "مجانية الماء والكهرباء" فيما تسبب الارتفاع في أثمنة فواتير الماء والكهرباء في اندلاع الشرارات الأولى من "حراك جرادة"، رفضت الحكومة، في العرض الذي قدمته اليوم الاستجابة لأهم مطالب"حراك جرادة"، المتمثل في مجانية الماء والكهرباء، في مدينة تضم أكبر محطات إنتاج الطاقة. وقالت العمالة، في بلاغها اليوم، إنه أمام استحالة الاستجابة لمطلب المجانية، أو تخصيص تسعيرة تفضيلية بخصوص فواتير استهلاك الماء والكهرباء، فقد تقرر اعتماد مجموعة من التسهيلات وتهم، حذف الغرامات المتعلقة بتأخير الأداء بالنسبة للأشخاص الذين لديهم متأخرات، و اعتماد الفوترة الشهرية من خلال الكشف الشهري للعدادات، إضافة إلى مراقبة العدادات من طرف المكتب الوطني للكهرباء، كما وعدت الحكومة أهالي جرادة، بتوزيع أربعة مصابيح اقتصادية ذات الاستهلاك المنخفض، على كل أسرة معوزة وتفاديا لما تسببه المحطة الحرارية بجرادة من آثار سلبية على البيئة، ومن استهلاك مفرط للمياه، والتي يرجع تاريخها إلى بداية سبعينيات القرن الماضي، فقد تقرر إغلاق وحدتين منها، والإبقاء فقط على المحطة الرابعة ذات المواصفات العالمية، على أن يقوم المكتب الوطني للكهرباء بإعادة نشر العاملين بهذه الوحدات. مناصب شغل تغني عن "آبار الموت" وأمام تعالي أصوات أهالي المدينة بتوفير بديل اقتصادي عاجل وآني لشبابها، يغنيهم عن التوجه إلى "آبار الموت"، التي كانت تمثل مورد الرزق الوحيد، تم الإعلان عن تدابير آنية لخلق حوالي 1000 منصب شغل، منها 300 لفائدة عمال استخراج الفحم الحجري بطرق عشوائية "الساندريات"، و إعطاء الأسبقية لشباب الإقليم حاملي الشواهد المهنية في التشغيل بالمحطات الحرارية بجرادة. كما أعلن المصدر ذاته، عن انطلاق أشغال توسعة المنطقة الاقتصادية، لاحتضان بعض الوحدات الإنتاجية، والتي ستوفر حوالي 1500 منصب شغل إضافي في الأفق القريب، مع تيسير عملية تنظيم عمال استخراج الفحم الحجري بطرق عشوائية في إطار شركات أو تعاونيات، ومنحهم إمكانية تسويق منتوجهم من الفحم الحجري لفائدة المكتب الوطني للكهرباء، و كذا خلق تعاونيات من أجل التعاقد مع المكتب المذكور في مجالات نقل الفحم والحراسة، وأنشطة المناولة الأخرى. كما تم اعتماد تجربة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ترمي تيسير المساطر للمستثمرين وحاملي المشاريع بغية خلق فرص للشغل لفائدة الفئات المستهدفة من عمال استخراج الفحم الحجري بطرق عشوائية، والشباب حاملي الشواهد وأبناء الإقليم والنساء، وفي هذا السياق، تم تخصيص مكتب في مقر العمالة لاستقبال حاملي المشاريع المدرة للدخل لدراسة مقترحاتهم و مواكبتهم لانجاز المشاريع ذات جدوى. تقليص الفوارق الاجتماعية إضافة إلى مواكبة المشاريع المدرة للدخل لفائدة الساكنة، حاولت الحكومة تقديم تعهدات لتقليص الفوارق الاجتماعية في المنطقة، عبر مبادرات تزويد الإقليم بالتجهيزات ذات الطابع الاجتماعي، وإحداث صندوق لدعم حاملي المشاريع بمبلغ مهم لفائدة الشباب، والعمال المشتغلين في "الساندريات"، وكذا النساء في وضعية صعبة، وذلك بهدف تشجيع إدماجهم في الحياة العملية. وإحداث فريق عمل مختص لدراسة وإبراز المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية التي يزخر بها الإقليم،كما برمجت الحكومة عدة تدخلات تهم 108 مشروعا في مجالات الطرق، التعليم، الصحة، الماء والكهرباء، وذلك في إطار برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي بغلاف ،مالي يناهز 500 مليون درهم بين 2018 و 2023. وبالموازاة مع الإجراءات التي أعلنت عليها الحكومة في عدد من القطاعات، تم الإعلان عن تسطير برنامج جديد يروم خلق حوالي 5000 منصب شغل مباشر يرتكز على القطاع الفلاحي، عبر تعبئة حوالي 3000 هكتار من الأراضي السلالية، يخصص 100 هكتار منها لفائدة ذوي الحقوق، و2000 هكتار لشباب الإقليم. كما قدمت الحكومة لأهالي جرادة، وعودا ببناء وتجهيز معهد للتكوين المهني بعين بني مطهر، وتوسيع مدرسة المعادن بتويسيت، وبناء وتجهيز داخلية بمعهد التكنولوجيا التطبيقية بجرادة،إلى جانب تكوين الشباب في أفق تشغيله في المحطات الحرارية. متحف ل"ذاكرة جرادة" وفي مدينة عاشت منذ ستينيات القرن الماضي على "الفحم الحجري"، موردا أساسا للعيش وكسب لقمة العيش، قدمت الحكومة لأهالي المدينة "الغاضبين"، وعدا بإحداث متحف منجمي بجرادة، لحفظ ذاكرة الإقليم. كما تعهدت الحكومة، في عرضها الذي قدمته اليوم، في مجال التأهيل الحضاري للمدينة، بتسريع وثيرة إنجاز المشاريع المبرمجة في إطار اتفاقيات التأهيل الحضري، وبرمجة وتنزيل الشطر الثاني من التأهيل الحضري لاستهداف الأحياء الناقصة تجهيز. وفيما عرفت عدد من المشاريع الحضارية بالمدينة "جمودا" لسنوات دون أن يعرف سببه، أعلنت الحكومة عن استعانتها بفريق لتجاوز التعثرات وتسريع فتح التجهيزات الجماعية التي كانت تعرف بعض المشاكل، ويتعلق الأمر على الخصوص بكل من المجزرة البلدية، والمسبح البلدي، والمحطة الطرقية، والحي الصناعي، والسوق الأسبوعي. أطباء متخصصون جدد وفيما كان يشتكي أهالي جرادة من تردي الخدمات الصحية في المدينة، أمام الحالات الكثيرة التي تسجل من الأمراض، خصوصا المتعلقة بالصدر والتي يتسبب فيها التلوث البيئي والعمل في مناجم الفحم، قدمت الحكومة عرضا صحيا جديدا لجرادة. ويروم العرض الحكومي، دعم وتقوية العرض الصحي بالمركز الاستشفائي الإقليمي بجرادة، عبر تعيين ثلاثة أطباء متخصصين في أمراض القلب والشرايين، والعظام والمفاصل وكذا الأمراض التنفسية، وتنظيم قوافل طبية بشكل منتظم. كما تقترح الحكومة، توفير سيارتي إسعاف من طرف المكتب الوطني للماء والكهرباء لفائدة الساكنة ووضعهما رهن إشارة المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بجرادة، معلنة عن تعيين لجان للتتبع والحكامة، من أجل الوقوف على تنزيل البرنامج المسطر، في الآجال المحددة له. استكمال تنفيذ الاتفاقية الاجتماعية ل"مفاحم المغرب" وفيما رفعت "مدينة الفحم الحجري" مطلب استكمال تنفيذ الاتفاقية الاجتماعية بشأن إغلاق شركة مفاحم المغرب، استجابت الحكومة لمطلب "الحراك"، وقررت إنهاء مشكلة مساكن عمال شركة مفاحم المغرب عبر تفويت العقارات لهم، رفع الحجز التحفظي على عقارات شركة مفاحم المغرب بقيمة 61 مليون درهم لتمكين 325 منزل معني للاستفادة من عملية التفويت. كما قررت الحكومة في هذا الصدد، تعبئة ميزانية خاصة لتمكين خلية تسيير مفاحم المغرب من دعم تغطية الأمراض المهنية، وإحداث لجنة للتتبع وحصر اللائحة والغلاف المالي لحالة 300 شخص مؤقتة تطالب بتعويضات، منها التعويض الجزافي على الفحم، الرحيل، المغادرة، وهي التعويضات التي كان يعاني مستحقوها من صعوبة استخراجها. تحقيقات في تركة "مفاحم المغرب" وأمام مطالب الساكنة، التي رفعت خلال مسيرات "حراك جرادة"، والتي تطالب الحكومة بالتدخل والتحقيق في تصفية شركة "مفاحم المغرب"، أعلنت الحكومة، حسب المصدر ذاته، مباشرة القطاعات الوصية، والهيئات المختصة، التحقيق والتفتيش مع ترتيب الجزاءات، طبقا للقوانين و المساطر الجاري بها العمل. وأكد المصدر ذاته، على أنه تم فتح تحقيق في تصفية شركة مفاحم المغرب وعقاراتها، وسحب رخص البحث والاستغلال نتيجة عدم احترام كناش التحملات، كما تقرر، كإجراء أولي، السحب الفوري لخمس رخص استغلال الفحم الحجري على إثر التحقيق الذي قامت به الجهات المختصة.