تحوّل مقترح قانون تقدّم به فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، يقضي بنقل اختصاص تعيين الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلى شرارة مواجهة مباشرة بين الحزب الذي يقود الحكومة، والمسؤول الأول عن التسيير الفعلي لهذا المجلس. الأمين العام للمجس، عبدالله بوصوف، الذي يتولى تسيير هذا المجلس بتفويض من رئيسه إدريس اليزمي، المنشغل بتدبير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خرج ليهاجم بقوة المسؤول عن فرع مغاربة الخارج داخل حزب المصباح، عمر المرابط. هذا الأخير قام بخرجات يهاجم فيها أداء المجلس ويحتج على تجميده وتهميش أعضائه، فيما خرج بوصوف لينفي عنه تهم غياب الشفافية، موجها بدوره الانتقاد إلى حزب العدالة والتنمية، من خلال حديثه عن "الأحزاب التي في الحكومة وكانت عندها وزارة المالية والميزانية، وكان يمكنها أن ترى الملفات وتقوم بالمحاسبة، ونحن ليس لدينا إشكال في الافتحاص". المرابط قال في حديث ل"اليوم24″ إن ظهور هذا الموضوع في الواجهة يعود إلى أن أولويات أخرى شغلت الحزب في الفترة السابقة، "أما الآن، فيوم 21 دجنبر يصادف إتمام المجلس عشر سنوات بعد تعيينه وكان لا بد لنا من الاحتفال بطريقة أو بأخرى". المرابط الذي يعتبر عضوا في المجلس، أوضح أنه اختار الاحتفال "بالإعلان المدوي عن الفشل، خاصة أنني منذ سنوات أحاول أن أدفع في الاتجاه الصحيح". وعن تفسيره لحدوث المواجهة مع الأمين العام عبدالله بوصوف عوض الرئيس المعين رسميا، إدريس اليزمي، قال المرابط إن انتقاداته لم توجّه إلى شخص معين، "لكن الذي ردّ علي هو الأمين العام". وأضاف المرابط أن فترة تولي اليزمي رئاسة المجلس فعليا، كانت تتميز، "سواء اتفقنا معه أم لم نتفق، بوجود اجتماعات على الأقل. أما الأمين العام، فلا يستشير في أي شيء ولا نعلم ما الذي يجري في المجلس وكل شيء بالنسبة إلينا متوقف، حيث لم ينعقد أي اجتماع منذ سنوات". عبدالله بوصوف رد بتصريح أدلى به لأحد المواقع الإلكترونية، معتبرا أن المغرب بلد له مؤسسات، ونحن نرحب بأي افتحاص لمالية المجلس، وأذكر الذين يتحدثون عن جهل، أن المجلس يقدم حساباته لوزارة المالية كل سنة ولمكتب الصرف، وعلى الذين يجهلون القوانين أن يراجعوا أنفسهم. فحسابات المجلس موجودة في الإدارات العمومية وبعض الأشخاص الذين يتحدثون هم ينتمون إلى أحزاب في الحكومة وكانت لديهم وزارة المالية ووزارة الميزانية، وكان بإمكانهم عن طريق هؤلاء الأشخاص أن يطلعوا على الملفات والمحاسبة، ونحن لا مشكلة لدينا مع الافتحاص". المرابط أوضح أنه لم يوجه انتقاداته لأي شخص، "لكن، وبما أنا الذي خرج للرد عليّ هو الأمين العام وتحدث عن الافتحاص المالي، فإنني أقول بالفعل يجب أن نقوم بافتحاص مالي"، موضحا أنه "ولحد الآن، لم يكن بيني وبين الدكتور عبدالله بوصوف إلا علاقة ودية طيبة، بحكم تقاربنا في بعض الأفكار. فإذا كنت أنا ابن حزب العدالة والتنمية بمرجعيته الإسلامية المعتدلة، فهو كان من قياديي حركة الطلائع الإسلامية التي انشقت عن حركة الإخوان المسلمين". وذهب المرابط إلى أن الأسئلة الحقيقية المطروحة على المجلس حاليا لا تهم الشق المالي فقط، "وأنا لا أريد أن يفهم من جوابه كأن "في كرشه العجينة"، فأنا لم أتحدث عن المالية والميزانية". الأسئلة الحقيقية، حسب المرابط، تتعلّق بكون المجلس لم يعبّر طيلة عشر سنوات من الوجود عن أي رأي استشاري، وهي الوظيفة الأساسية التي أحدث من أجلها. "ثم هل أعد المجلس في ظرف عقد من الزمن ولو كان تقريرا واحدا عن الأنشطة أو تقريرا واحدا عن اتجاهات الهجرة؟ ومتى انعقدت هذه الجمعية العامة؟ علما أن المادة 14 من الظهير المحدث للمجلس تنص على عقدها مرة كل سنة. لماذا إذن، يرفض السيد الأمين العام، وهو المسؤول فعليا منذ تعيين رئيس المجلس على رأس مجلس آخر، عقد اجتماع للمجلس، لماذا يرفض عقد اجتماعات لمجموعات العمل ومنها مجموعة الثقافات التي أنتمي إليها". مصدر مقرّب من المجلس، قال ل"اليوم24″ إن هجوم حزب العدالة والتنمية ليس جديدا، "بل ظل يتم بشكل مستمر، علما أن عمر المرابط هو عضو فيه منذ عشر سنوات، فأين كانت ملاحظاته ومطالبه طيلة هذه الفترة؟". المصدر عاد ليجيب أن "هذه الخرجة ترتبط بمخرجات المؤتمر الأخير لحزب العدالة والتنمية، ومن الطبيعي أن يبحث كل من أعضائه عن تموقع جديد، خاصة أن سيدة منحدرة من الجالية أصبحت وزيرة باسم الحزب"، في إشارة إلى نزهة الوافي. المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أضاف أن الغاية من إحداث مؤسسات مثل مجلس الجالية، "هي إبعاد مثل هذه الأمور الاستراتيجية عن التوظيف والمزايدة السياسيين، "فهدف كل حزب هو السعي إلى التمدد وتوسيع قاعدته، خاصة في الأوقات التي يشهد فيها انكماشا ما، فهو يسعى إلى البحث عن مجالات جديدة". وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تجدد قوانين جل المؤسسات الدستورية لتعوض ظهائر إحداثها، بناء على المستجدات التي حملها دستور 2011، قامت اللجنة التي يرأسها عمر المرابط داخل حزب العدالة والتنمية، أي لجنة المغاربة المقيمين بالخارج، بإعداد مسودة مقترح قانون جديد للمجلس. هذه المسودة تنص على تعيين الأمين العام للمجلس من طرف الملك، لكن "باقتراح من رئيس الحكومة"، بدلا من الظهير الحالي، والذي ينص على تعيين كل من الرئيس والأمين العام من طرف الملك.