المغرب وإسبانيا دولتان لا تتقاسمان جوارا عاديا، بل نقطة تماس بين الشرق والغرب، كما تتقاسمان جغرافيا «صعبة» وتاريخا يعج ب«العقد النفسية»، وهو ما جعل التعاون والصراع بينهما، على حد سواء، يشمل كافة المجالات، ويتطور، مستفيدا من دروس المواجهات، فالتعاون الاقتصادي والأمني والعسكري، وكذلك العلاقات الدبلوماسية، يتخللها مناطق للظل هي ذاتها أرض الصراع بينهما. إنه الصراع الذي يبدو منطقيا، كما يرى مراقبون، بحكم تشابك الملفات الأمنية ببعدها الاستراتيجي، مثل ملفات إقليم الصحراء، ومستقبل النزاع في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، والحدود المائية مع جزر الخالدات...، حيث يتجه كل بلد لخدمة مصلحته القومية، والاستعداد لمواجهات قد تفرضها حسابات السياسية المتغيرة، أو حتى الأمزجة، في أية لحظة أو ظرف. في هذا السياق، يكشف كتاب جديد، بعنوان "يوميات جاسوس"، للخبير الإسباني في شؤون الاستخبارات، دافييد بيدال، جوانب خفية من عوالم الاستخبارات الإسبانية التي تتحرك في مناطق عديدة، بحثا عن مصالح وطنية، أو لمجابهة ما تعتبرها أخطار تهدد الأمن القومي الإسباني. ويمثل هذا الكتاب شهادة، هي الأولى من نوعها، في القرن الحادي والعشرين، بحسب مؤلفه، لاسيما وأن هذه الشهادة تأتى من قلب العمل الاستخباراتي الإسباني، بحكم أن بيدال تعاون مع هذا الجهاز منذ عام 2000، للاستفادة مما يملك من معلومات وخبرة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية التي كانت تتدفق وقتها بكثافة على الأراضي الإسبانية.