تقنيو المغرب يعلنون عن إضرابات مستمرة طوال شهر مارس احتجاجا على أوضاعهم المزرية    مطالب نقابية للحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة    بنك المغرب يفند محتوى إعلامي كاذب يستخدم هويته    بنك المغرب يفند محتوى إعلامي كاذب يستخدم هويته    محكمة الاستئناف بمراكش ترفع العقوبة في حق أيت مهدي المدافع عن ضحايا "الزلزال" إلى سنة حبساً نافذاً    أسعار الأكباش تنخفض 50%.. الكسابة يحذرون من انهيار القطاع في جهة الشرق    مجلس جهة الداخلة وادي الذهب يعقد دورته العادية لشهر مارس 2025    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    بنك المغرب يحذر من محتوى احتيالي    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    إسرائيل تطالب بنزع السلاح في غزة    فعاليات مدنية بالقدس تشيد بمبادرات جلالة الملك للتخفيف من معاناة الساكنة المقدسية خلال شهر رمضان    ترامب يوقف جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا    الاتحاد العربي للجولف يطلق سلسلة بطولات تتضمن نظام تصنيف رسمي ومستقل    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية بالقدس الشريف    المغاربة المقيمون بالخارج.. تحويلات تفوق 9,45 مليار درهم خلال يناير    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    مبادرة تشريعية تهدف إلى تعزيز حقوق المستهلك وتمكينه من حق التراجع عن الشراء    جمع عام استثنائي لنادي مولودية وجدة في 20 مارس    فنربخشه يقرر تفعيل خيار شراء سفيان أمرابط    توقيف 6 أشخاص يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بالاختطاف والاحتجاز وطلب فدية مالية بفاس    أسباب تضارب أسعار اللحوم الحمراء والأسماك والدواجن والبيض..    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ‬ما ‬دلالة ‬رئاسة ‬المغرب ‬لمجلس ‬الأمن ‬والسلم ‬في ‬الاتحاد ‬الأفريقي ‬للمرة ‬الرابعة ‬؟    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    الصين تفرض رسوما على سلع أمريكا    تصفيات مونديال 2026: تحكيم صومالي لمباراة المنتخبين المغربي والنيجري    قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة    مصرع طفل جراء انهيار التربة في دوار بإقليم سيدي بنور    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    ساكنة الجديدة تنتظر تدخل العامل ومحاسبة المتسببين في مهزلة الأزبال    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    ضرورة تجديد التراث العربي    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعلام مسيلمة ونظرية جوزيف غوبلز
نشر في الرأي المغربية يوم 02 - 05 - 2015

ان فهم المركبات أعلاه يقتضي تحديدا وتوصيفا تعريفيا للاعلام الذي يتحول وظيفيا الى مرتزق ومأجور حين يتخلى عن كنهه ووظيفته ثم يقتضي الوقوف عند نظرية جوزيف غوبلز حيث سنعمد الى تبيان الدلالة المقصودة من ايراد هذا الاسم في القضية موضوع مقالنا . وسننطلق بداية من كشف هوية جوزيف غوبلز نفسه . هذا الالماني النازي الذي استطاع ان يؤسس لنظرية في الاعلام الموجه او الاعلام الذي جعل قلمه تحت الطلب للنيل من الخصوم وشن الحروب النفسية بالوكالة قصد شيطنتهم ونزع المصداقية عنهم وبالتالي فسح المجال للاغتيال المعنوي والرمزي في حقهم .
فهذه الاشكالية تستدعي البحث في جدلية تحول الاعلام من سلطة حرة تلتزم الموضوعية والمهنية وتسهم في صناعة الراي وتثقيف المواطن وتأهيله للفاعلية في المجتمع …. الى سلطة مدمرة تسعى الى مسخ الحقائق وقلبها وتغليط الراي العام وشحنه بمعطيات زائفة قصد توجيهه الى عكس ما يشتغل عليه الاعلام الحر والمستقل ألباني .
الاعلام المأجور إذن هو أعلام تخلى عن وظيفته ورسالته الحقيقية ليسخرموقعه وسلطته لمن يدفع اكثر معرضا وجوده للنفي الاخلاقي وبالتبعية وبالسقوط المدوي في ذاكرة القرائن .
هذا السقوط الأخلاقي والمهني يجعل من الإعلامي المأجور مجرد ساعي بريد موظف زورا والة منتجة للكذب وصناعة الافتراء والتمركز على هامش اي حراك حقيقي يمكن الاعلام من ممارسة وظيفته في تأطير المواطنين بموضوعية ويخدم الحقيقة .
هذه الوظيفة للاعلام المتواطئ هي التي دعتنا الى استجلاء نظرية جوزيف غوبلز او الاعلام لما يتحول الى حرب نفسية ممنهجة وهنا تلتقي كل الكتابات التي تعتنق الكذب والافك والافتراءات بطريقة منهجية ، تراكمية ومنتظمة لتشكيل صورة على شاكلة الحقيقية خادعة وواهمة لدى القارئ او المتلقي بالاكراه وتتحول هذه الصورة الواهمة او الخاطئة المبنية على الكذب الى صورة اساس ومعطى بدييهي تنبني عليه المواقف والانفعالات وردود الأفعال بل والقناعات التي قد تضر اكثر مما تفيد ،وهي ذات الوظيفة والغاية التي يعتبر جوزيف غوبلز احد الاساطير في مجالها (الحرب النفسية) .
ولعل بعض مستخدمي الاعلام ومحترفيه في بلدنا اليوم يتقاسمون بالتبني وبالعمالة الاعلامية الساقطة مبادئ هذه المدرسة حيث يعتبر جوزيف رائدا وقدوة لهم في توظيف واستثمار وسائل الاعلام كجيش مرتزق في الحروب الخفية والملعنة التي تخاض بالوكالة بل هناك ممن اسقطوا في حقل الاعلام والصحافة اكثر راديكالية في تبني منهج جوزيف غوبلز المبدع والقائل الحقيقي لشعار «اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس» اي اتخام واتخان الناس بالكذب الممنهج المبرمج للترويج الهادف الى تحطيم الخصوم ونزع المصداقية عنهم والتشويش على صورتهم والمس بسمعتهم وبمخزون الصورة الحسنة .
وقد اكدت ظاهرة غوبلز ان الذي يملك وسائل الاعلام يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة التي تحركها مراكز النفوذ ولو بيات الفساد عبر صناعة رأي عام مغلوط تصبح معه مصفوفة الأعراض والحياة الخاصة للمستهدفين مباحة ورفع حواجز الاستثمار الإعلامي المغرض عنها . هنا يمكن فهم لماذا هذا التركيز على رموز بعينها من داخل حزب العدالة والتنمية والتنظيمات القريبة منه الشريكة والمتوازية والداعمة له .
وبناء على ذلك فان كان جوزيف غوبلز هو مؤسس فن الدعاية السياسية المغرضة في المدرسة الاعلامية من خلال الترويج للفكر النازي لدى الشعب الالماني بطريقة ذكية جعلت من هتلر المنقذ لألمانيا ، ومكنته بقوة ان يسوق في ركابه عشرات الملايين من الالمان. وهذا فعلا ما درجت عليه بعض المنابر التي تدعي العمل الصحفي زورا وبهتانا وانتسبت لجسم الصحافة الوطنية عبر مسارات غير مهنية لتمارس الدعارة الإعلامية حيث الاغتناء من خلال الاشتغال على أعراض الناس وخصوصياتهم وقلب الحقائق عنهم وتمكين خصومهم السياسيين اووالاقتصاديين من معول القضاء عليهم في حقل المنافسة السياسية او غيرها، محترفو البغاء الإعلامي هؤلاء لا يهمهم وطن او مصلحة المغاربة بل هم يصلون مع علي ويقاتلون مع معاوية ولاؤهم لمن يعطي اكثر او لمن يملك عنهم الملفات التي قد تمس بتراكم المال لديهم في الداخل والخارج . وعلى الرغم من ان غوبلز كان مؤسس مدرسة الكذب الممنهج والمبرمج والدعاية النفسية منذ اكثر من ثمانية عقود الا ان مسيلمة العصر – وهو تعبير شامل لكل من ارتضى من الإعلاميين والصحفيين بالمغرب كراء قلمه او فارته خدمة للظلام المجهول للنيل من سمعة الناس والمسؤولين والتشويش على مسارهم ومواقفهم ونضاليتهم – فاق كل الكذابين والمفترين والافاقين وحطموا الرقم القياسي في الكذب الممنهج والمبرمج وجعلوا اسطورة جوزيف غوبلز في الدعاية السياسية الكاذبة ثراثا متخلفا .
ويمكن الجزم ان معتنقي هذا المنهج في الافتراء والكذب وقلب الحقائق ومناهضة اي فكر حر ومستقل ومنع الناس والجماهير من امتلاك حس نقدي عبر تنمية أدواتهم الفكرية والتحليلية (هذا دور الاعلام الحقيقي ) سيكون لهم نفس مصيره حيث في 1 مايو 1945، أقدم غوبلز على الانتحار مع زوجته ماجدة ، فبعد موت أدولف هتلر، طلب من زوجته أن تذهب إلى خبير كيميائي لتحضير عقار منوم يعمل على تنويم الاطفال لساعات تتراوح بين 10 – 14 ساعة حتى لا يشعر أبناؤه بالسم. وأعطى جوزيف زوجته السم لقتل أطفاله الستة لقوله "حتى لا يهان أبنائي أمام الروس بعد وفاتي" فأعطت زوجته السم لأبنائها ففارقوا الحياة بعد ربع ساعة من إعطائهم للسم، وبعد وفاة أبنائه، أقدم هو وزوجته على الانتحار على خارج المبنى العسكري النازي وفارقوا الحياة. طبعا لا نتمنى الموت لمروجي ومهربي الاعلام المأجور ولكن حتما موتهم الرمزي هو نهاية لمسار كذبهم حيث اليوم الكثير منهم يتغذى من مصداقية اكتسبها في زمن صحوته الفكرية والأخلاقية لكن قبوله الاتجار فيها وعرضها للمزايدة في سوق النخاسة الإعلامية سيجعلها تغيض قبل استنفاد مهامها غير الإعلامية والصحافية .
صحيح ان مفهوم الاعلام الحقيقي في الدول الديموقراطية لا ينفصل في المبدأ عن حرية التعبير لمن يبث الرسالة وحق المعرفة لمن يتلقاها. الا ان الخطر يكمن في استخدام هذه القيم كشعارات لتغطية الممارسات الاعلامية البعيدة عن قواعد الاحتراف المهنية، وعن المعايير الاخلاقية الواجبة في الممارسة المهنية اذ الحرية في التعبير والتواصل والعمل لا تستقيم بصورة بناءة الا اذا التزمنا بالضوابط الاخلاقية والممارسة المهنية المحترفة لانها تتعلق بالهدف الحقيقي الذي يسعى اليه الاعلام ، هل هو فعلا البحث عن الحقيقة المجردة ام عن جزء منها ترويجا لتوجه معين او لرؤية محددة؟ وفي خدمة من تكون هذه "الحقيقة"؟ هل هي لتعرية الواقع أم كشف الحقائق ا م ماذا ؟ أسئلة الإجابة عنها هي إجابة عن ماهية العمل الإعلامي ووظيفته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.