قال المفكر العربي،الدكتور عزمي بشارة أن انتفضات التغيير والثورات من أجل الحرية تحولت إلى حروب أهلية في الدول الهشة إما بسبب جماعاتها الأهلية القوية أو بسبب تسرب قوى متطرفة إليها. وميز عزمي بشارة الذي كان يتحدث اليوم الخميس بمدينة مراكش في محاضرة افتتاحية ضمن فعاليات المؤتمر الرابع للعلوم الاجتماعية والإنسانية بين نمطين من المثقفين فالنمط الأول من المثقفين اختار الدفاع عن الوضع القائم،فيما اختار نمط ثاني الوقوف مع الثورة في وجه الاستبداد أوضح الدكتور عزمي بشارة أن المثقف الذي اختار الدفاع عن الوضع القائم، فعل ذلك انطلاقا من اقتناع مفاده أن الحروب الأهلية التي تغرق فيها بعض الدول العربية التي شهدت محاولة للتغيير، يتحمل مسؤوليتها أولئك الذين قاموا "بمحاولة غير واضحة لتغيير الوضع القائم". ويرى بشارة أن هذا النمط من المثقفين لا يلتفت إلى "سبب هشاشة الدولة، ولا يحلّل مسؤولية خيار النظام القمعي عن تحول الثورات إلى عنف"، وهو الأمر الذي يمكن "التوصل إليه بالتحليل العقلاني حتى قبل الإدانة الأخلاقية". وأضاف أن المثقف الذي ينحاز إلى هذا الموقف "إنما ينسحب من دوره الترشيدي العقلاني"، بل أن الأخطر من ذلك "غياب التضامن مع تطلع الشعوب لإنهاء حالة الظلم، وتجنب إدانة النظام الحاكم بوصفه المسؤول عن حالة الظلم والفساد"، وبوصفه، أي النظام الحاكم، "مسؤولا عن تبعات الخيار الأمني القمعي". حالة مثل هؤلاء المثقفين أنهم "يتهربون من مسؤولية الموقف، بتوجيه الاتهام إلى من تطلعوا إلى التغيير". أما النوع الثاني من المثقفين فهم أولئك الذين "وقفوا مع الثورة ضد الاستبداد والفساد"، بل "تماهوا مع عدالة قضيتها"، ويرون تبعا لذلك أن "الأنظمة التي تسد أفق التغيير وتلجأ للعنف" مسؤولة عن "تدهور الثورة"، وتحولها في عدد من الدول التي تتسم بالهشاشة، إلى "منزلقات الفوضى والعنف والتطرف". ونبه الدكتور عزمي بشارة إلى أن مثقف الثورة هذا هو نفسه يتبنى مواقف ناقصة، إذ إنه في الوقت الذي "يكتفي بشرح الأسباب الموضوعية للفوضى والتطرف،"، فهو "لا يرى أن الأفراد الأحرار الذين ثاروا على النظام مسؤولون أيضاً عن أفعالهم وعن أخطائهم كذلك"، ومن هنا فإن المثقف المدافع عن الثورة قد يتحول "إلى تبرير تلك الأخطاء"، بدل الإسهام في "تفسيرها". وتعدّ هذه المرة الأولى التي ينظم فيها المؤتمر في المغرب، وسبق أن عقدت دورته الثالثة في تونس العام الماضي، في حين نظمت دورتيه الأولى والثانية في الدوحة بقطر حيث المقر الرئيس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويعتزم القائمون على المؤتمر في المركز العربي تنظيم المؤتمر نفسه في دول عربية أخرى، وبحضور أوسع .